للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا (١) جواب آخر على أصل السؤال وهو قولهم: بم يُميِّزُ المقلِّد المسلم نفسه عن اليهودي المقلِّد، وذلك أن نقول (٢): هذا السُّؤال مبنيٌّ على التسوية بين الظنون والقرائن، وذلك غير مسلم، والتفرقة بين ذلك جلية فطرية، لأن الله تعالى خلق الخلق على فطرة الإسلام كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠].

واتفق الجميع على صحة الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كل مولود يولد على الفطرة (٣)، وإنَّما أبواه يهودانه وينصِّرانه "، وهذه الفطرة عند أهل المعارف علمٌ ضروريٌّ، وعند غيرهم ما يقاربه ويُسمى باسمه، ولا يكاد يتميز عنه من اليقين (٤) المستند إلى مجموع قرائن لا يمكن التعبير عنها، فكيف لا يتميز الفرق بين ذلك وبين ما يُعارضه من وسواس الشياطين، وكيف لا نُدركُ الفرق بين ذلك بضرورة الفطرة المخلوقة بعدل الله تعالى، وفضله، وحكمته، وكمالِ حجته.

والتحقيق على أصل الجميع أن ظن الباطل لا يكون راجحاً في الابتداء، ولا يترجح إلا بالعقوبة المستحقة، وما لا يكون راجحاً، لا يكون في مخالفته مضرَّة (٥) مظنونةٌ، ولا يجبٌ الاحتراز منه، وظن الحق


(١) في (ج): وهذا.
(٢) في (ج): يقال.
(٣) في (أ): فطرة الإسلام.
(٤) في (أ) زيادة، وعبارته: " ولا يكاد يتميز عنه من الشياطين وكيف لا ندرك الفرق اليقين ... ".
(٥) في (أ): ضرورة، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>