للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راجحٌ بالفطرة الأولة (١)، وفي مخالفته مضرة مظنونة، ودفع المضرة المظنونة واجبٌ عقلاً، وقد أخبر الله تعالى أنه كفَّر سيئات الذين آمنوا بما نُزِّل على محمّد - صلى الله عليه وسلم -، وهو الحق من ربهم تعالى، وأصلح بالهم (٢)، وعلل ذلك بأنهم اتبعوا الحق من ربهم، بخلاف الذين كفروا واتبعوا الباطل (٣)، والذين (٤) اهتدوا زادهم هُدى وآتاهم تقواهم (٥).

والعاميُّ يدرك ذلك، فإن العامي إذا أخبره كثير ممَّن يثق به غاية الثقة بأمرٍ موافقٍ للفطرة والشُّهرة، ثم عارضه من يستند إلى معرفة العامي أنه كذابٌ، أو يكون عند العامي مجهول الحال، فإن العامي يدرك التفرقة بين ظنَّه المستند إلى خبر الثقة المخبور المأمون، الموافق للفطرة والشهرة، وبين ظنِّ مخالفة المستند إلى قول الكذَّاب، أو المجهول، بل لا يُسمِّيه ظناً حتى يحتاج إلى فارقٍ، بل يقطع أنَّه باطل، وهذا مثالٌ نقيس عليه سائر القرائن (٦)، فإنَّ التفرقة بين الظُّنون والقرائن ضروريةٌ غير مفتقرةٍ إلى الطلب، وقد دلَّ على ذلك السمع، حيث قال الله تعالى: {إن بعض الظن إثمٌ} [الحجرات: ١٢] فلو لم يكن بين الظن الصحيح والظن الباطل فرق، لكان الظن كله حراماً أو حلالاً، وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن الظن المحرم هو الذي لا (٧) يستند إلى قرينةٍ صحيحةٍ،


(١) في (ج): الأولية.
(٢) في (ش): وأكد بأعمالهم، وهو تحريف.
(٣) في (ب): الشياطين.
(٤) في (ج): وقال: والذين ...
(٥) انظر الآيات (٢ و٣ و١٧) من سورة محمد.
(٦) في (أ): القرآن، وهو تحريف.
(٧) في (أ) و (ب): لم.

<<  <  ج: ص:  >  >>