للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظنُّ الجائز مخالفة منهم (١)، فقد تطابق العقل، والسمع (٢)، والخاصة، والعامة على التفرقة بين الظنون والقرائن، وكيف لا يكون ذلك، وجميع أفعال العقلاء مبنيَّةٌ على الظنون والترجيح بين المتعارض (٣) منها، فعمَّال الآخرة يعملون على ظن الإصابة، والقبول، وحسن الخاتمة، وعمال الدنيا كذلك، فالزراع يزرع على ظن التمام، والتاجر يسافر على ظن الفائدة، والملوك يحاربون على ظن النصر، والفقهاء يفتون على ظنِّ الإصابة، والمراض (٤) يتداوون على ظنِّ النفع، والمؤرخون يؤرخون على ظن التصديق، وأهل العلم يحكون ما قالوهُ على ظن الصدق، والخلق يسأل بعضهم بعضاً، ويكتب بعضهم إلى بعضٍ، كل ذلك على أن الظنون معمول بها، ومتميز راجحها من مرجوحها، وقويُّها (٥) من ضعيفها، وغالبُها من مغلوبها (٦)، وربما احتفّ (٧) بالخبر من القرائن ما يرفعه إلى مرتبة الضرورة، ولا سيما في معرفة الله تعالى، وصدق رسله (٨) التي هي الفطرة بالنص الصحيح (٩)، ولا سيما وطائفة جلَّةٌ من حُذَّاق المتكلِّمين يقولون: إن معرفة الله تعالى ضرورية، والطائفة الأخرى يقولون: إنها قرينة جلية، فلا شكَّ في قوة القرائن الموافقة لذلك الَّتي مادُّتها من كلمات الله التي لا ينفدها البحر يمُدُّه من بعده سبعة أبحر، والتي (١٠) مثَّلها الله تعالى في كثرة موادِّها، لا في


(١) في (ب): " والظن الجازم مخالف لهم ". وبعد هذا بياض في جميع النسخ.
(٢) في (ب): السمع والعقل، وفي (ش): أهل العقل والسمع.
(٣) في (ش): المتعارضين.
(٤) في الأصول " أمراض ".
(٥) في (أ) و (ب) و (ج): وقوتها، وهو خطأ.
(٦) تحرفت في (ش) إلى " مغلولها ".
(٧) في (أ): أحيف، وهو تصحيف.
(٨) في (ب) و (ش): رسوله.
(٩) في (ب) و (ش): الصريح.
(١٠) في (ش): التي.

<<  <  ج: ص:  >  >>