للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن (١) الصحيح يميز الفاسد في العامة.

وجواب آخر: وذلك (٢) أنه لو لم تكن الظنون وقرائنها ومراتبها متميزة بعضها عن بعض، لم يمكن (٣) المجتهدون (٤) من علماء الفروع أن يرجِّحوا قولاً على قول، ولاتسعت المناظرة بينهم، بل قد صح تمييز المقلدين لهم لمراتبهم، حتى أوجب بعض أهل (٥) النظر على العامي تقليد الأعلم الأورع -في ظنَّه- على الإجمال، أو الأقوى (٦) دليلاً في المسألة على التفصيل، وممَّن (٧) اختار ذلك المؤيد بالله، نصَّ عليه (٨) في " الزيادات "، ولا يعارض هذا بالقول بتصويب كلٍّ من المجتهدين، فإنه إنَّما قيل به بالنَّظر إلى مطلوب الرَّبِّ سبحانه منهم، لأنه سبحانه إنما طلب منهم أن يجتهدوا في طلب الصواب، لا في إصابته، كما طلب من رماة المجاهدين أن يجتهدوا في إصابة الكفار، ولم يطلب منهم أن يُصيبوا في رميهم، وذلك من عدل الله سبحانه ورحمته، حيث علم أنه لا طريق لهم، ولا طاقة سوى الطلب، فقد أصابوا مُراد الله تعالى، وهو الاجتهاد في طلب الإصابة، ولم يصيبوا مطلوبهم الذي هو الإصابة، فالذي تحرَّى القِبْلَةَ كالذي يرمي الكُفَّار في الجهاد، يصيب ويخطىء، وهو في إصابته وخطئه مصيبٌ لمراد الله في طلب الصواب، فبان أنَّ ها هنا مطلوبين اثنين:


(١) في (ش): النظر.
(٢) في (ج): وهو.
(٣) في (ب) و (ش): يكن.
(٤) في (ب): للمجتهدين.
(٥) ساقطة من (ش).
(٦) في (ب): والأقوى.
(٧) في (ش): ومما، وهو خطأ.
(٨) " نص عليه " ساقطة من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>