للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطريٌّ ضروريٌّ، وإن كان المتولِّد عنه ظناً، إذ لا رابطة عقلية بين القرائن المعلومة ضرورة، وبين مدلولاتها المظنونة، بل المسلم العامي المقلد في الأصول للأنبياء كالعامي المسلم المقلِّد في الفروع للعلماء في التمكن (١) من معرفة الظن الراجح والمرجوح، والتَّفرقة بينهما، وفي أنه لا بد من تسلسل هذه الظنون إلى علومٍ فطرية جلية، وهي (٢) إما العلم بحسن العمل بالظن الصحيح الذي لم يعارض المعلومات أو العلم بصحة القرينة، ولذلك سُمِّي الفقهاء علماء، فإنَّ طرق الفقه وإن كانت ظنيَّة - لكن وجوب العمل بها مستند إلى العلم القاطع، فالظن حصل في طريقها (٣)، لا في وجوب العمل بها.

جواب آخر: بل القرائن المقتضية لظن الأمر تقتضي بالضرورة ظن بطلان معارضه، ويستحيل الجمع بين ظن صحة أمر، واعتقاد صحة ظن (٤) ما يضاده، فكيف يقال فيما يستحيل اجتماعهما: ما الفرق بينهما؟ بل نقلب السؤال على من سأل عن الفرق، فيقال: من أين جاء الاشتباه؟ فإن قال: من حيث إنَّ كلَّ واحد من المُحِقِّ والمبطل يعتقد ذلك في نفسه ومخالفه.

قلنا: وكذلك (٥) أهل النظر من المحقِّين والمبطلين يشتبهون من هذه الحيثية، فكما أن النظر الصحيح يميز الفاسد في العلماء، فكذلك


(١) من قوله: " بل المسلم " إلى هنا ساقط من (ب).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (ش): طرقها.
(٤) " ظن " ساقطة من (ب).
(٥) في (ج): فكذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>