(٢) " قد " ساقطة من (ش). (٣) هو كُمَيْل بن زياد بن نهيك بن الهيثم النخعي، تابعي، ثقة، من أصحاب علي، قال ابن سعد: شهد مع علي صفين، وكان شريفاً مطاعاً في قومه، قَتَلَه مبيرُ ثقيفٍ صبراً سنة ٨٢ هـ. مترجم في " تهذيب التهذيب " ٨/ ٤٤٨ وقول علي هذا قطعة من وصيةٍ مطولة أوردَها صاحب " العقد الفريد " ٢/ ٦٩ - ٧٠، رواه عن أيوب بن سليمان، عن عامر بن معاوية، عن أحمد بن عمران الأخنس، عن الوليد بن صالح الهاشمي، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي مخنف، عن كميل النخعي قال: أخذ بيدي عليُّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، فخرج بي إلى ناحية الجبَّانة، فلما أصحر، تنفس الصعداء، ثم قال: يا كُميلُ، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفَظ عني ما أقول لك: الناسُ ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهَمَج رَعاع، أتباعُ كُلِّ ناعق مع كل ريح يميلونَ، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركنٍ وثيقٍ. يا كُميلُ، العلمُ خيرٌ من المال، العلمُ يحرسُك وأنت تحرسُ المالَ، والمالُ تنقصُه النفقة، والعلمُ يَزْكو على الإنفاق، ومنفعة المال تزولُ بزواله. يا كُميل، محبة العلم دينٌ يُدان به، به يكسبُ الإنسانُ الطاعة في حياته، وجميلُ الأُحدوثة بعد وفاته، والعلمُ حاكمٌ، والمالُ محكومٌ عليه. يا كميل، ماتَ خُزانُ المالِ وهم أحياءٌ، والعلماءُ باقون ما بقيَ الدهرُ، أعيانهم مفقودةٌ، وأمثالهم في القلوب موجودةٌ، ها إنَّ هاهنا لعلماً جَمّاً -وأشار بيده إلى صدره- لو وجدتُ له حَمَلةً، بلى أجد لقناً غير مأمون عليه، يستعمل آلة الدين للدنيا، ويستظهِرُ بحجج الله على أوليائه، وبنعمه على عباده، أو منقاداً لحملة الحق ولا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشكُّ في قلبه لأوَّلِ عارض من شُبهة، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، أو منهوماً باللذة، سَلِس القياد للشهوة، أو مُغرماً بالجمع والادِّخار ليسا من رعاة الدين في شيء أقرب شبهاً بهما الأنعام =