للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء: " هَجَمَ (١) بهمُ العِلْمُ على حقيقةِ الأمر، فاستلانُوا ما استوعرهُ المترفون، وأَنِسُوا (٢) بما استوحش منهُ الجاهلون " فإنَّ الهُجوم إنما يُستعمل فيما حصل (٣) دفعةً واحدة من غير كدِّ الخواطر في الدقائق، والتَّولُّج من الأنظار في مضايق المزالق، وقال في " ضياء الحلوم ": هجم [على] القوم: إذا أتاهم بغتةً، وهَجَمَ على العدو هجوماً، وهجم على ما في نفسِ فلان.

وأما على مذاهب (٤) النُّظَّار مِنْ متكلّمي الشيعة والمعتزلة، فإن النظر في كتاب الله تعالى يدل على قدرة الله تعالى على كل شيءٍ، وكذلك كل معجزٍ لجميع الخلق عندهم، والذي في القرآن من الإحكام البليغ، والتحسين والتقبيح يدل عندهم على علمه سبحانه بكل شيءٍ عموماً، كما تدل أحكام المحكمات عندهم، ويدل على علمه سبحانه بقُبح الكذب، وعلى علمه بقُبح تصديق الكاذب خصوصاً، وبعد علمنا بذلك يجبُ القطع بأنه لا يصح صدور الكذب، وتصديق الكاذب منهُ سبحانه، لعلمه


= السائمة، كذلك يموت العلمُ بموتِ حامليه، اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً، لئلا تبطُلَ حُجج الله وبيناته، وكم ذا، وأين؟ أولئك والله الأقلونَ عدداً، والأعظمونَ عند الله قدراً، بهم يحفظ الله حُججه حتى يودعوها نُظَراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباهِهم، هجم بهم العلمُ على حقيقة الإيمان حتى باشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استخشنَ المترفون، وأَنِسُوا بما استوحش منه الجاهلون، وصَحِبُوا الدنيا بأبدانٍ أرواحُها معلقة بالرفيق الأعلى.
يا كُميل، أولئك خلفاءُ الله في أرضه، والدعاةُ إلى دينه، آه، آه، شوقاً إليهم، انصرفْ إذا شئتَ.
(١) في (ش): " هجمتهم "، وكتب فوقها: " هجم ".
(٢) في (ش): واستأنسوا.
(٣) في (أ): يحصل.
(٤) في (ش): مذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>