للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقبحه (١)، واستغنائه عن فعله بقدرته على كلِّ شيء، وذلك لأنَّ الكذب ليس بمشتهي لذاته، وإنما يتوصَّل به العاجز إلى منافعه، أو يفعله الجاهل بقبحه، بدليل أنه لو قيل لبعض العقلاء: إن صدقت، فلك درهم، أو كذبت، فلك درهم، فإنَّه يختار الصدق لا محالة إجماعاً، فهذا في آحاد المخلوقين، فكيف برب العالمين القادر على كل شيءٍ، العليم الحكيم. وإلى هذا الدليل أشار قوله تعالى. {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: ٢٣]، وأمثالها، وقد ألمَّ بهذا المعنى مختار المعتزلي في كتابه " المجتبى " (٢) في آخر الطريق الرابع من


(١) من قوله: " وبعد علمنا " إلى هنا مكرر في (ب).
(٢) قال اللكنوي في " الفوائد البهية " ص ٢١٢ - ٢١٣: هو مختار بن محمود بن محمد أبو الرجاء نجم الدين الزاهدي الغزميني نسبة إلى غزمين -بفتح الغين المعجمة ثم الميم المكسورة، ثم الياء التحتانية المثناة الساكنة، ثم النون- قصبة من قصبات خوارزم، كان من كبار الأئمة، وأعيان الفقهاء، عالماً، كاملاً، له اليد الباسطة في الخلاف، والمذهب، والباع الطويل في الكلام والمناظرة، وله التصانيف التي سارت بها الركبان، منها " شرح مختصر القدوري " شرح نفيس نافع، " وتحفة المنية لتتميم الغنية " استصفاها من " البحر المحيط " للبديع القزويني، وكتاب " الحاوي "، و" الرسالة الناصرية "، وأخذ العلوم عن الأكابر منهم محمد بن عبد الكريم التركستاني عن الدهقان الكاساني، عن نجم الدين عمر النسفي، عن أبي اليسر محمد البزدوي، وأيضاً أخذ عن ناصر الدين المطرزي صاحب " المغرب " تلميذ الزمخشري، وعن صدرِ القُراء سندِ الأئمة يوسف بن محمد الخوارزمي، وعن سراج الدين يوسف السكاكي، وعن فخر الدين القاضي بديع، وبعدما بلغ رتبة الفضل والكمال، رَحَلَ إلى بغداد، وناظَرَ الأئمة والفضلاء، ثم بلغ الروم، وتوطن بها مدةً، ودارس الفقهاء. ومن تصانيفه أيضاً " زاد الأئمة "، و" المجتبى في الأصول "، و" الجامع في الحيض "، و " كتاب الفرائض ".
قال الجامع: ذكر القاري وغيره أنه مات سنة ٦٥٨ هـ، وقد طالعت " المجتبى شرح القدوري "، و" القنية "، فوجدتهما على المسائل الغريبة حاويين، ولتفصيل الفوائد كافيين إلا أنه صرح ابن وهبان وغيره أنه معتزلي الاعتقاد، حنفي الفروع، وتصانيفُه غيرُ معتبرةٍ ما لم يوجد مطابقتها لغيرها لكونها جامعة للرطب واليابس، وقد فصلتُ المرام في رسالتي " النافع الكبير ".

<<  <  ج: ص:  >  >>