للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في تقرير الدلائل على ما ورد في القرآن، فهؤلاء الغلاة في الكلام يصرحون بذلك، فلا تلتفت إلى قول من ينكره منهم عند استظهار أهل السنة عليهم في الحجة بذلك، لأن إقرارهم بذلك يلزمهم ترك الخوض فيه، ولزوم منهاج أهل السنة، وذلك واضح، ولله الحمد.

وقال الغزالي في " القدسية " (١) في الأصل الأول من الركن الأول في معرفة وجوده تعالى: وأوَّل ما يُستضاء به من الأنوار، ويسلك من طريق النظر والاعتبار بما أرشد إليه القرآن، فليس بعد بيان الله بيان. ثم ساق الآيات القرآنية، وكذلك فعل يحيى بن منصور في كتابه " الجمل الإسلامية "، فإنه صدر الاحتجاج فيها بالآيات القرآنية، كما ذلك معروف.

وقال الإمام يحيى بن حمزة عليه السلام في أوائل كتاب " التمهيد " في القول في وجوب النظر ما لفظه: وكيف يقال: إنهم مُنكرون للخوض في هذه الأدلة، وأكثر القرآن مُشتملٌ على ذكرها وشرحها، ولنذكر منها واحدة يُقاسُ بها الباقي، وهي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس: ٧٧] إلى آخر السورة، فالله تعالى حكى في هذه الآية إنكار المنكرين للإعادة (٢)، وقرَّر وجه شبهتهم، وأجاب عن كل واحدة منها بوجه يخصُّه، وطوَّل في بيان ذلك إلى قوله: فأمَّا الآيات الدالة على إثبات الصانع وصفاته، والنبوة، والرد على منكريها، فأكثرُ من أن تُحصى.


(١) وهي " الرسالة القدسية في قواعد العقائد "، وهي أيضاً قسم من كتاب " الإحياء "، وهو كتاب قواعد العقائد في الجزء الأول منه. وإفرادها على حدة جاء في مخطوطات عدة، وتسمى الرسالة الوعظية. وانظر " إحياء علوم الدين " ١/ ١٨٢.
(٢) في (ش): للعادة، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>