للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قاضي القضاة في المجلد الرابع من " المحيط في النبوات " في ذكر إعجاز القرآن ما لفظه: واتَّفق فيه أيضاً استنباطُ الأدلة التي تُوافقُ العقول، وموافقة ما تضمنه لأحكام العقل على وجه يَبْهَرُ ذوي العقول، ويحيِّرهم، فإن الله سبحانه يُنبِّهُ (١) على المعاني التي يستخرجها المتكلمون بمعاناةٍ وجهدٍ بألفاظ سهلةٍ قليلةٍ، تحتوي على معانٍ كثيرةٍ، كما ذكره عزَّ وجلَّ في نقض مذاهب الطبائعيين في قوله: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} الآية [الرعد: ٤]، وفي الآيات التي ذكرها في نفي الثاني، وفي غير ذلك من الأبواب التي لا تكادُ تحصى. انتهى بحروفه.

وقال القاضي عياض في " الشفاء " (٢): ومنها جَمْعُهُ لعلوم (٣) ومعارف لم تَعهَدِ العربُ عامةً، ولا محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل نبوَّته خاصة (٤) بمعرفتها، ولا القيام بها، ولا يُحيطُ بها أحدٌ من علماء الأُمم، ولا يشتمل عليها كتابٌ من كُتبهم، فجمع فيه من بيان علم الشرائع، والتنبيه على طُرق الحُجج العقليات، والرد على فِرَقِ الأمم ببراهين قوية، وأدلة بيِّنةٍ، سهلة الألفاظ، موجزة المقاصد، رام المتحذلقون بعد أن ينصبوا (٥) أدلة مثلها، فلم يقدروا عليها، كقوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: ٨١]، و {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٩]، و {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] إلى ما حواه من علوم السير، وأنباء الأمم، والمواعظ، والحكم.


(١) في (ش): نبه.
(٢) ١/ ٢٧٧.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ش): خاصة قبل نبوته.
(٥) في (ش): يثبتوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>