للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن منصور في كتاب " التوحيد والجملة ": وإنما جاءت الرسل بغاية الحجة على من سألها بما بين الله لها، وأنزل في كتبه إليها، لم تَعْدُ ذلك إلى غيره، ولن تُكون حجةٌ أبلغ في الدلالة على الله من حُجج أنبياء الله التي أبلغها عن الله خلقه، ولا أهدى لهم إن قبلوها، قال الله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم: ١٠] ثم ساق مُحاجَّة إبراهيم إلى قوله: وقالوا عند مسألة فرعون: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (٤٩) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} الآية [طه: ٤٩ - ٥٠]، وقال فرعون أيضاً: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ} [الشعراء: ٢٣ - ٢٤]، وفي آية {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: ٢٨] فلم يتعدَّ موسى في الجواب عند مسألة فرعون غير ما أنبأه (١) اللهُ به في الكتاب، وكذلك محمد - صلى الله عليه وسلم - حين سأله قومه: مَنْ يُعيدُنا؟ فأمره الله بالجواب {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء: ٥١]، فلم يُكلِّفْهُ من الحجة والجواب غير ما قال له في الكتاب، ولمَّا قالوا له: انسُب لنا ربَّك، نزل عليه {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخر ما ذكره في كتاب " الزيادات " (٢) من المجلد السادس من " الجامع الكافي ".

ولما وقف هذا المشارُ إليه على أبياتي هذه، حسب أنِّي استدللتُ على السمع بالسمع (٣)، وظنَّ أنَّ مُرادي " أصول ديني ": السمعُ لا العقل، وظن أنَّ أهل السُّنة لا يرون العقل شيئاً، كأنَّه لا يعلم إجماع المسلمين أنه لا تكليف على صبيٍّ ولا مجنون، ولا بُدَّ من نظر العقل،


(١) في (ش): أنبأ.
(٢) " الزيادات " ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): بالسمع على السمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>