للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الشمس، وما لا يُحصى. ومجرَّدُ اختلاف الأسماء لا يدلُّ على الذوات كما قدَّمنا، وكالسُّرعة (١) والبطء في الحركة، وكذلك الأحكام الشرعية كلُّها، وهي الوجوب، والنَّدْبُ، والإباحةُ والحظر، والكراهة.

فإذا عرفت معنى اللُّبث والسُّكون، والبقاء والدوام، فاعرف أنَّ الحركة هي قطعُ المسافة، وهي النُّقلة، وليست اسماً للكون في الجهة من حيث هو كون، ولا يدلُّ على ذلك دليلٌ، ولذلك اشترطوا في حدها النقلة، لعلمهم أنهم لو لم يشترطوه، لبطل قولهم ضرورةً، ومع اشتراطه وثُبوتِ الحركة به، وانتفائها بانتفائه، يتعيَّنُ القول بأنه الحركة، والحمد لله.

وبيان ذلك بعرضه على دلالتي المطابقة والالتزام، فإنَّ الحركة في دلالة المطابقة الوضعية في الحقائق الثلاث تدلُّ على النُّقلة، وقطع المسافة من حيث هي كذلك، ولا تدلُّ على الكون في الجهة من هذه الجهة (٢) البتة، وإنَّما يدلُّ على ذلك بدلالة الالتزام العقليَّة، كدِلالة الجسم على ذلك محقَّقاً، وهم عكسوا ذلك عكساً مُحقّقاً.

فرضٌ على مِثْلِ هذا النَّقل (٣) قولُهُمُ ... تَجِدْهُ مِثْلَ شَرابٍ شُربُهُ حَرَضُ

هذا وإنِّي على ردِّي لِقَولِهِمُ ... أحنُوا عَلَيْهِمْ وإنْ عابُوا وإن بَغَضُوا

إخوانُنَا وعلى الدِّين الحنيف وإنْ ... أخطَوْا، فَمَا الشمُّ يومَ الرِّيحِ تَنْتَقِضُ

لهُم سوابِقُ مِنْ علمٍ ومِنْ عَمَلٍ ... فَكَمْ أَصَحُّوا وكَمْ صحُّوا وإن مَرِضُوا


(١) الواو ساقطة من (ش).
(٢) عبارة " من هذه الجهة " ساقطة من (ب).
(٣) في (ب) و (ج) و (ش): النقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>