للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن نُوجده على صفاته كلها من نحو كونه خبراً وأمراً ونهياً، وكلامُ الغير لما لم يكن مقدوراً لنا، قدَّرنا لم نقدر (١) على جعله صفةً، فثبت أن كل ما لم يكن مقدوراً، كان مثل كلام الغير، والموجود غير مقدور، فلو قدرنا على جعله على صفةٍ قدرنا على جميع صفاته، فنجعله أسود وأبيض، وحلواً ومُرّاً.

وأجاب منازعوهم: بأن هذا القياس يتركب (٢) على غلطٍ واضحٍ، فإن وصف الكلام بأنه خبرٌ وإنشاء ونحو ذلك ليس بوصفٍ ثبوتيٍّ حقيقيٍّ، بدليل أنه لا يصحُّ أن يُوجد من الكلام إلاَّ حرفٌ بعد حرفٍ، والمعدوم من الحروف لا يُوصفُ، والموجود منها ليس إلا حرف واحد (٣)، والحرف الواحد ليس بكلامٍ وفاقاً (٤)، فكيف يُوصفُ ما ليس بكلامٍ بأنّه خبرٌ أو إنشاء، ويكون ذلك الوصف حقيقياً؟

وإذا كان هذا حال الميزان المقيس عليه، فكيف حال الموزون به؟ ثم ما المانع أن تكون بعض الصفات مقدوراً دون بعض؟ كالأعراض عندكم، وما الجامع بين الأكوان، والألوان، والطعوم؟ فدلَّ على أن هذه الصفات إضافيةٌ لا حقيقة لها، أو أن (٥) بعضها كذلك، وبعضُها ثبوتيٌّ، والصحيح أن الحركة قطعُ المسافة، والمرجع بالإجماع، والافتراق إليهما، وهذه إشارةٌ لطيفةٌ على حسب اختصار الأبيات، وتمكن الصارف من البسط في هذا العلم، ومن أحبَّ معرفة المباحت في هذه المسألة،


(١) في (ب): لم نحصل نقدر.
(٢) في (ش): متركب.
(٣) في (ش): حرفاً واحداً.
(٤) في (ش): واحداً وفاقاً.
(٥) في النسخ: وأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>