للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا يصحُّ أن يكونَ له نصف، ويلزمُ أنَّه لو طال، لكان سكونات كثيرة، وهم لا يقولون به، ثم الحركةُ عندكم متركِّبة من لُبْثِ المتحَيِّز وقتاً واحداً في المحلِّ الثاني، ومِنْ عدم لُبثها في المحلِّ الأوَّل، والذوات الثبوتية الحقيقية (١) لا تُرَكَّبُ من العدم، والعَدَمُ لا يُوصَفُ بالحدوث.

فإن نازعوا في هذه المعاني، نازعوا في الضرورة، وإن سلَّموها، وزعموا أنهم اصطلحوا هذه الأسماء لهذه المُسمَّيات، فاختلاف الأسماء لا يُحيلُ الذوات ويقلب المعاني، ويتركَّب عليه الدليل، ثم يلزمهم في البقاء أن يكون معنى كالسكون (٢)، لأن استمرار الوجود يسمى بالنظر إلى الزمان بقاءً، وبالنظر إلى المكان سُكوناً، ثم إنهم يقولون في الكون المقارب لحدوث الجسم: إنه فعل الله.

فإما أن يكون الجسم (٣) مقدوراً من غير كون، لَزِمَ صحةُ خُلوه عنه، وإما أن يكون غير مقدورٍ إلاّ به، لزم نفيُ اختيار الله تعالى في خلقه الجسم منفرداً، وفي هذا منع القادر على كل شيء من مقدور معلوم أنه يقدر عليه إلاَّ بأن يخلُقَ معه شيئاً (٤) آخر من غير برهان قاطع.

وأما كونه لا بُدّ أن يكون في جهةٍ معيَّنةٍ فذلك بالفاعل، لا بمعنى كما أنه لا بد أن يكون وقت مُعين، وذلك بالفاعل لا بمعنى اتفاقاً، وقال لهم منازعوهم: ما المانعُ من أنّ المؤثر في هذه الأشياء هو الفاعل من غير واسطة معنى؟

قالوا: المانعُ من ذاك أنا رأينا كلامنا لمّا كان مقدوراً لنا، قدرنا على


(١) في (ش): الحقيقة.
(٢) في (ش): السكون.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ش): شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>