للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك يقولون: إنَّه ليس في مقدوره سبحانه هداية أحدٍ من المذنبين، ويُخالِفون في ذلك المعقول والمنقول، كما يجيء تحقيقه في آخر الوهم الثامن والعشرين.

وكذلك قولهم: إن الله تعالى غير قادر على إكساب (١) شيءٍ من الموجودات صفةً إلاَّ بواسطة معنى، ولا قادرٍ على إعدامٍ لون، ولا طعم إلا بواسطة طُرُوِّ ضدِّه (٢) على محلِّه، وقد مرَّ قريباً ذكرُ شيءٌ من ذلك وإبطالُه، وتعويلُهم فيه على القياس على الكلام حيث ذكرت أبياتي التي أولها:

أصولُ ديني كتابُ الله لا العَرَضُ

وأيضاً هو (٣) على خلاف المعقول في نفي الضِّدِّ بطُرُوِّ ضِدِّه عليه كالسواد والبياض، فإن أحدهما لو كان منفياً بضده، لا بقُدرة الله تعالى من غير واسطةٍ، لكان حين انتفي لا يخلو، إمَّا أن يكون ضدُّه نفاه بعد أن حل في محله أو قبل، والأول يستلزم إجتماع الضدين في محل واحد، وهو محال، وإن كان ضده نفاه قبل أن يحُلَّ في محلِّه، فذلك باطل بالاتفاق، لأنهما لا يتنافيان إلاَّ على اتحاد المحل.

وذكر مختار في " المجتبى " (٤) مثل هذا التمانع في إيجاب المعنى الزائد، لكون المتحرك ساكناً، فخذه من موضعه، وقد نقلته منه إلى كتابي " ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان " (٥).


(١) في (ش): " اكتساب "، وهو خطأ.
(٢) في (ش): " ضده وصده " وهو خطأ.
(٣) في (ش): أيضاً وهو.
(٤) " في المجتبى " ساقط من (ش).
(٥) ص ١٠١ - ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>