للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمواعظ المُشجية هو التذكير بالضروريات، بل جاء ذلك في أشعار العرب وعقله من لم يعرف النظر قال مُتمِّمٌ (١):

وقالوا أتبكي كُلَّ قبرٍ رأيتَهُ ... لِقَبْرٍ (٢) ثَوَى بين اللِّوَى فالدَّكَادِكِ (٣)

فقُلتُ لهم إنَّ الأسى يبعَثُ الأسى ... دعُونِي فهذا كُلُّهُ قبرُ مالِكِ

ولو بسطتُ هذا المعنى، لجاء في مجلداتٍ، وقد أشار الله تعالى


(١) هو متمم بن نويرة بن شداد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي أخو مالك بن نويرة، شاعر، فحل، صحابي، من أشراف قومه، عده ابن سلام في " الطبقات " ص ٢٠٣ في الطبقة الأولى من أصحاب المراثي. وله في أخيه مالك مراثٍ من غُرر الشعر، لم يقل أحدٌ مثلها، والمقدمة منهنَّ عينيته:
لعمري وما دهري بتأبينِ هالكٍ ... ولا جَزَعٍ ممَّا أصَابَ فأوْجَعا
أنشدها صاحب " المفضليات " (٦٧) يقول فيها:
وكُنَّا كَنَدْمانَيْ جذيمة حِقْبةً ... مِنْ الدهرِ حتى قيل لن يَتَصَدَّعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ... لطولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ ليلةً معا
وقد سكن متمم المدينة في أيام عمر، وتزوج بها امرأة لم ترض أخلاقه لشدة حزنه على أخيه. انظر " شرح المفضليات " لابن الأنباري ص ٦٣ و٥٢٦، و" أسد الغابة " ٥/ ٥٨ - ٥٩، و" الإصابة " ٣/ ٣٤٠.
(٢) في (ش): لثاوٍ.
(٣) البيتان في " ديوانه " من قصيدة (٩١)، وهما في " حماسة أبي تمام " ص ٣٩٠، و" حماسة البحتري " ص ٢٥٨، و" الحماسة البصرية " ١/ ٢١٠، و" الزهرة " للأصبهاني ٢/ ٥٣٩، و" العقد الفريد " ٣/ ١٩٣، و" أمالي أبي على " ٢/ ١، و" وفيات الأعيان " ٦/ ١٧، و" فوات الوفيات " ٢/ ٢٩٨، و" معجم البلدان " ٢/ ٤٧٩.
وجاء في " معجم ما استعجم " للبكرى ص ٥٥٤ - ٥٥٥: الدكادك -بفتح أوله، على لفظ جمع دَكْداك-: موضع في بلاد بني أسد، قال مُتمم بن نُويرة:
فقال أتبكي كُلَّ قبرٍ رأيتَهُ ... لِقَبْرٍ ثَوَى بين اللِّوَى فالدَّكَادِكِ
ويُروى: فالدَّوانِكِ، وهو أيضاً هناك، مجاور الدَّكادك، وكان مالك بن نويرة أخو مُتمم المرثي بهذا الشعر، قتل بالملا وقبره هناك، والملا: في بلاد بنى أسد.
قال الأصمعي: قَدِمَ مُتمم العراق، فجعل لا يمُرُّ بقبرٍ إلاَّ بكى عليه، فقيل له: يموت أخوك بالمَلاَ، وتبكي أنت على قبرٍ بالعراق؟ فقال هذه الأبيات. وبعد البيت:
فقُلتُ له إنَّ الأسى يبعَثُ الأسى ... فَدَعني فهذا كُلُّهُ قبرُ مالِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>