للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم العمل بظن النجاسة، وهم يستحبون (١) العمل هنا بالظن.

وخامسها: أن الله تعالى قد وصف الأكثرين بما يدُلُّ (٢) على هذا، فقال: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١١٩]، فكأنَّه عبَّر عن أهوائهم بالظن تارة، وعبر عن الظن بأهوائهم أخرى، وكذا وصفهم بالسَّفَه والافتراء في قوله: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ} [الأنعام: ١٤٠].

وسادسُها: أن أفعالهم تدلُّ على ذلك، فإنهم لو توقَّفُوا على الظن الراجح لما قالوا أشياء لا يهتدي إليها العقلُ، ولا وَرَدَ بها شرعٌ، كقولهم: إنَّ الملائكة بنات الله، ومثل إفكِهِم في التحليل والتحريم على ما حكى الله في (٣) البحيرة والسائبة والحام (٤) فهذه الوجوه مع نقل اللغويين لذلك تُوجب ترجيح حمل الآيات على الظن المساوي والمرجوح دون الاصطلاحي الذي يختصُّ بالراجح القوي الذي ثبت (٥) في الكتاب


(١) في (ش): يستحسنون.
(٢) في (ش): دل.
(٣) في (ش): حكاه في.
(٤) البحيرة: هي الناقة إذا نُتجت خمسة أبطن، والخامس ذكر، نحروه، فأكله الرجال والنساء، وإن كان الخامس أنثى شقوا أذنها، وكانت حراماً على النساء لا ينتفعن بها، ولا يذقن من لبنها، ومنافعها للرجال خاصة، فإذا ماتت، اشترك فيها الرجال والنساء، قاله ابن عباس، واختار ابن قتيبة.
والسائبة: هي التي تُسيب من الأنعام للآلهة، لا يركبون لها ظهراً، ولا يحلبون لها لبناً، ولا يجزون منها وبراً، ولا يحملون عليها شيئاً.
والحامي: هو الفحل من النعم إذا نُتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهنَّ ذكر، حمي ظهره ولم يُركب، ولم يجزوه، ويُخلى في إبله يضربُ فيها لا ينتفع به بغير ذلك. انظر " زاد المسير " ٢/ ٤٣٦ - ٤٤٠.
(٥) في (ش): يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>