للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النافعة كلها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما نقول: إنهم أعلم بالعلم المبتدَع الذي كَرِهَهُ السلف، ومنتهى حال العالم (١) به عند من يُوجبهُ أن يكون توسَّل به للضرورة إلى بعض معارف النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما يتوسل طالب النحو والإعراب بقراءة كتب النحاة إلى معرفة بعض مقاصده - صلى الله عليه وسلم - في كلامه البليغ، ومعلومٌ أن رسول الله وأصحابه لا يُوصفون بمعرفة ما ابتدع النحاةُ من الأسماء الاصطلاحية، ولكن السلف ردُّوا هذا بأنَّ اللغة تغيَّرت، وتحققت الضرورة إلى حفظ اللغة بابتداع عِلْمِ العربية مع ما رُوي (٢) في أصل وضعه عن علي عليه السلام (٣) بخلاف علم الكلام، فإن العقول لم تختلَّ، ولو اختلَّت، بَطَلَ التكليف، ولم يمكن وضع قوانين الأدلة، ولا يُنكَرُ أن تكون المبتدعةُ أعرف بما لا فضيلة فيه من الأنبياء، كما أن أهل الصناعات أعرف (٤) بصناعاتهم، والنساء أعرف بما يخُصُّهنَّ من صنعةِ الطعام، وإنما ينكر أن يكونوا أعرفَ بالعلم النافع في تقرير الإسلام، والإيمانِ، والشرائع والأديان، وليس يجهلُ هذا الأمر إلاَّ من جهل أحوال الأنبياء عليهم السلام، أو جهل علم الجدل.

وقد تعرَّض ابن الزِّبَعْري لمناظرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعرض عنه حتى نزل الردُّ عليه بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِك عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (٥) [الأنبياء: ١٠١].


(١) في (ش): العلم.
(٢) تحرفت في (ب) إلى: أوى.
(٣) انظر الخبر في " الأغاني " ١٢/ ٢٩٨، و" نزهة الألباء " لابن الأنباري ص ١٨ - ٢٢.
(٤) في (ش): أعلم.
(٥) أخرج الطبراني ١٢/ (١٢٧٣٩) من حديث ابن عباس قال: لما نزلت {إنَّكم وما تعبدون من دونِ الله حصب جهنم أنتم لها واردون} قال عبد الله بن الزِّبَعري: أنا أخصم لكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>