للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك} و {بيدك الخير}، ولو قال: لما خلقت بيدي بصيغة -الإفراد- لكان مفارقاً له، فكيف إذا قال: {خلقتُ بِيَديَّ} بصيغة التثنية، هذا مع دلالة الأحاديث المستفيضة بل المتواترة، وإجماع السلف على مثل ما دلَّ عليه القرآن، كما هو مبسوطُ في موضعه مثل قوله: " المُقْسِطُون عند الله على منابرَ من نورٍ عن يمينِ الرحمنِ -وكلتا يديه يمينٌ- الذين يعدِلُون في حُكمِهم وأهليهم وما وَلُوا " (١)، وأمثال ذلك.

وإن كان القائلُ يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنسِ ظاهر النصوص المتَّفق على معناها، فالظاهرُ هو المراد في الجميع، فإن الله لما أخبر أنه بكل شيءٍ عليمٌ، وأنه على كل شيءٍ قديرٌ، واتَّفق أهلُ السنَّة، وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره، وأن ظاهره مرادٌ، كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه مثلَ علمنا، وقدرتُه كقدرتنا.

وكذلك لما اتَّفقوا على أنه حي حقيقةً، عالمٌ حقيقة (٢)، قادرٌ حقيقة لم يكن مرادهم (٣) إنه مثل المخلوق الذي هو حي عالم قادر.

فكذلك إذا قالوا: في قوله: {يُحبُّهُم ويُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤]، {رَضِيَ اللهُ عنهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: ١١٩]، وقوله: {ثُمَّ استَوَى على العرشِ} [الأعراف: ٥٤] أنه على ظاهره لم يقتضِ ذلك أن يكونَ ظاهرُه استواء كاستواء المخلوق (٤)، ولا حُبّاً كحبه،


(١) أخرجه مسلم (١٨٢٧)، والنسائي ٨/ ٢٢١ - ٢٢٢، وأحمد ٢/ ١٥٩ و١٦٠ و٢٠٣، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص ٣٢٤، والبغوي (٢٤٧٠) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) قوله: " عالم حقيقة " ساقط من (ش).
(٣) في (ب) و (د): مراد.
(٤) في (ش): المخلوقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>