للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا رِضاً كرضاه.

فإن كان المستمعُ يظنُّ أنَّ ظاهرَ الصفات يماثلُ صفاتِ المخلوقين، لَزِمَه أن لا يكون شيءٌ من ظاهر ذلك مراداً، وإنْ كان يعتقد أنَّ ظاهرها هو ما يليق بالخالق، ويختصُّ به، لم يكن له نفيُ هذا الظاهر، ونفي أن يكون مراداً إلاَّ بدليل يدُلُّ على النفي، وليس في العقل، ولا في السمع ما ينفي هذا إلاَّ من جنس ما ينفي به سائر الصفات، فيكونُ الكلام في الجميع واحداً.

وبيانُ هذا أن صفاتنا منها ما هو أعيانٌ وأجسامٌ، وهي أبعاضٌ لنا كالوجهِ، واليد (١)، ومنها ما هو معان وأعراض، وهي قائمة بنا كالسمع، والبصر، والعلم، والكلام، والقدرة.

ثمَّ من المعلوم أن الربَّ لما وَصَفَ نفسه بأنَّه حيٌّ، عليم، قدير لم يقل المسلمون إن ظاهر هذا غيرُ مراد، لأنَّ مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا، وكذلك (٢) لما وَصَفَ نفسه بأنه خلق آدم بيديه لم يُوجِبْ ذلك أن يكون ظاهرُه غير مراد، لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقِّنا (٣)، بل صفةُ الموصوفِ تُناسبُه.

فإذا كانت ذاتُه المقدسة ليست مثل ذوات المخلوقين، وصفاته (٤) كذاتِه ليست كصفاتِ المخلوقين، ونسبةُ صفة المخلوق إليه كنسبة (٥) صفةِ


(١) في (ش): واليدين.
(٢) في (ش): فكذلك.
(٣) من: " وكذلك " إلى هنا مكرر في (ش).
(٤) في المطبوع من " التدمرية ": فصفاته.
(٥) تصحفت في (ب) إلى: كتشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>