للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جسم (١) لأنها تشتملُ على (٢) الطول والعرض والعُمق، وتوجدُ في السطح الذي هو مركبٌ من الطول والعرض بغير عمق، ويوجدُ في الخط الذي هو عبارةٌ عن الطول فقط بغيرِ عرض ولا عمق، ولم يبقَ سوى النقطة، ولا يتصوَّر أن يعمل فيها شيء، لأنها ليست جسماً، ولا سطحاً، ولا خطّاً، بل هي طرفُ الخط كما أنَّ الخطَّ طرفُ السطح، والسطح (٣) طرفُ الجسم، والنقطةُ لا تُجزَّأُ انتهى.

قلت: الظاهرُ أنَّ النقطة في عُرفِ هؤلاء هي الجوهر في عرف المعتزلة، وأنَّ السطح (٣) عبارةٌ عن الطول والعمق من غير عرضٍ، لأنه سطح (٣) الجسم، والله أعلم، والمعتزلة أخذت من هذه الاصطلاحات أنَّ الجسم هو الطويل العريضُ العميق، وتوهَّم كثير من المتكلمين أن هذا تفسير الجسم في اللغة حتى استشهدوا عليه بقول الشاعر:

وأجسَمُ مِنْ عَادٍ جُسُومُ رجالِهم ... وأكثرُ إن عُدُّوا عديداً من التُّرْبِ

والعجبُ ممَّن يدَّعي أنه من أهل النظر، ثم يُجوِّزُ أنَّ أهل الوضع اللغوي يعنون بألفاظهم ما يعلم الجميع أنه لم يخطُر لهم على بال، بل لعلَّ كثيراً من منتحلي علم الكلام لم يُحرر فهمَه بعد طولِ البحثِ، فالله المستعانُ. تمَّت.

قال الشيخُ (٤): "وأكثرُ العقلاء على خلافِ ذلك، وقد بَسَطْنَا الكلام


(١) في (ش): الجسم.
(٢) " على " ساقطة من (ش).
(٣) في الأصول: " السطر " في المواطن الثلاثة، والمثبت من " الوفيات ".
(٤) من هنا يبدأ كلام ابن تيمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>