للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا في غيرِ هذا الموضع (١)، وبُيِّن (٢) فيه حُجَجُ من يقولُ بتماثل الأجسام، وحججُ من نفي ذلك، وبُيِّنَ (٢) فسادُ قول من يقول بتماثلها، وأيضاً فالاعتماد بهذا الطريق على نفي التشبيه اعتمادٌ باطل، وذلك إنه إذا ثبت تماثلُ الأجسام فهم لا ينفُون ذلك إلاَّ بالحجة التي ينفون بها الجسم، وإذا ثبت أنَّ هذا يستلزِمُ الجسم، وثَبَتَ امتناعُ الجسم، كان هذا وحده كافياً في نفي ذلك، لا يحتاجُ نفيُ ذلك إلى نفي مُسمَّى التشبيه، لكن نفي التحيّز يكون مبنياً على نفي هذا التشبيه بأن يُقال (٣): لو ثبت كذا وكذا، لكان جسماً، ثم يقال: والأجسام (٤) مثماثلة، فيجب اشتراكها فيما يجبُ، ويجوز، ويمتنع، وهذا ممتنعٌ عليه، لكن حينئذٍ يكونُ من سلك هذا المسلك معتمداً في نفي التشبيه على نفي التجسيم فيكون أصل نفيه نفي الجسم، وهذا مسلكٌ آخر سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.

وإنما المقصود هنا أن مجرد الاعتماد في نفي ما يُنفى على مجرد نفي التشبيه لا يُفِيدُ، إذ ما من شيئين إلاَّ يشتبهان من وجه، ويفترقانِ من وجهٍ بخلاف الاعتماد على نفي النقص والعيب، ونحو ذلك ممَّا هو سبحانه مقدسٌ عنه، فإنَّ هذه الطريقة (٥) صحيحة.

وكذلك إذا أُثبت (٦) له صفاتُ الكمال، ونُفِيَ مماثلةُ غيره له فيها، فإنَّ هذا نفي المماثلة في ما هو مستحقٌّ له، وهذا حقيقة التوحيد، وهو أن


(١) انظر " درء تعارض العقل والنقل ".
(٢) في المطبوع من " التدمرية ": وبينا.
(٣) في (ش): بأن هذا.
(٤) "الواو" ساقطة من (ش).
(٥) في (ش): طريقة.
(٦) في (د) و (ش): ثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>