للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الصفات؛ ما الفرق بين هذا وبين ما أثبته، إذا جعلت مجرد نفي التشبيه كافياً في الإثبات، فلا بُدَّ من إثبات فرقٍ في نفس الأمر.

فإن قال: العمدة في الفرقِ هو السمع، فما جاء السمعُ به أثبتُّه دون ما لم يجىء به.

قيل له: أولاً: السمع هو خبرُ (١) الصادق عمَّا الأمر عليه في نفسه، فما أخبر به، فهو حقٌّ من نفيٍ أو إثباتٍ، والخبرُ دليلٌ على المخبَرِ عنه، والدليل لا ينعكس، فلا يلزم من عدمه عدم المدلول عليه (٢)، فما لم يَرِدْ به السَّمْعُ يجوزُ أن يكون ثابتاً في نفس الأمر، وإن لم يرد به السمع.

إلى قوله: فيقال: كل ما نفى (٣) صفات الكمال الثابتة لله تعالى فهو منزهٌ عنه، فإن ثبوت أحد الضدين يستلزم نفي الآخر.

فإذا عُلِمَ أنه موجودٌ واجبُ الوجود بنفسه، وأنه قديمٌ واجبُ القِدَمِ، عُلِمَ امتناعُ العدم والحدوث عليه، وعُلِمَ أنه غنيٌّ عمَّا سواه، فالمفتقر إلى ما سواه في بعض ما تحتاج إليه نفسه (٤) ليس موجوداً بنفسه، بل بنفسه وبذلك الآخر الذي أعطاه ما تحتاجُ إليه نفسه (٥)، فلا يوجَدُ إلاَّ به، وهو سبحانه غنيٌّ عن كل ما سواه، فكلُّ ما نافى غناه، فهو مُنَزَّهٌ عنه، وهو سبحانه قديرٌ قويٌّ، فكل (٦) ما نافى قدرته وقوته، فهو منزَّهٌ عنه، وهو


(١) في (ش): الخبر.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ش): " بنفسه "، وفي " التدمرية ": " لنفسه ".
(٥) من قوله: " ليس موجوداً " إلى هنا ساقط من (ش).
(٦) في (ش): وكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>