للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه حي قيوم، فكل ما نافى حياته وقيوميته، فهو منزَّهٌ عنه.

وبالجملة فالسمع قد أثبت له من الأسماء الحسنى، وصفات الكمال ما قد ورد، فكلُّ ما ضادَّ ذلك فالسمعُ ينفيه كما ينفى عنه المثل والكُفء، فإن إثبات الشيء نفيٌ لضده، ولما يستلزِمُ ضده، والعقل يَعْرِفُ نفيَ ذلك كما يعرفُ إثبات ضده، فإثبات أحد الضدين نفيٌ للآخر، ولما يستلزِمُه، فطرق النفي (١) لما تنزَّهَ الرب سبحانه عنه (٢) متسعةٌ لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم كما فعله أهل القصور والتقصير الذين تناقضُوا في ذلك، وفرَّقُوا بين المتماثلين حتى إن كل (٣) من أثبت شيئاً احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبيه.

وكذلك احتج القرامطة على نفي جميع الأمور حتى نفوا النفي، وقالوا: لا يُقالُ: موجود، ولا ليس بموجودٍ، لأن ذلك تشبيهٌ بالموجود أو المعدوم، فلزمهم نفيُ النقيضين، وهذا أظهر الأشياء امتناعاً، ثم إنه يلزمهم من تشبيهه بالمعدومات، والممتنعات، والجمادات أعظم ممَّا فرُّوا منه، وقد تقدَّم أن ما يُنفَى عنه سبحانه يُنفىلِتُضمُّنِ النفي الإثبات، إذ مجرد النفي المحض لا مدح فيه ولا كمال، فإن المعدوم يوصف بالنفي، والمعدوم لا يُشبِهُ الموجود، وليس هذا مدحاً له، بل مشابهةُ الناقص في صفات النقص نقصٌ مُطلقاً، كما أنَّ مماثلة المخلوق في شيء من الصفات تمثيلٌ وتشبيهٌ يُنَزَّهُ عنه الربُّ تبارك وتعالى، والنقصُ ضِدُّ


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (أ) و (ب): " عنه سبحانه "، وسقط من (ش): عنه.
(٣) ساقطة من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>