للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، ومن جهة وضوح معناه.

فأمَّا ثبوتُه فلا طريق إليه إلاَّ التواتر الضروري كما تقدم.

وأما وضوح معناه، فهل يمكن أن يكون قطعياً، ولا يكون ضرورياً؟ في كلام كثيرٍ من الأصوليين ما يقتضي تجويز ذلك، وفي (١) كلام بعضهم ما يمنع من ذلك، وهو القويُّ عندي أن (٢) القطع على معنى النصِّ من قبل (٣) النقل عن أهل اللغة أنهم يعنُونَ باللفظ المعين معناه المُعيَّن دون غيرِه، وهذا (٤) طريقُه (٥) النقل لا النظر، وما كان طريقه النقل لا النظر لم يدخله القطع الاستدلالي، وإنَّما يكون من قبيل المتواترات وهي ضروريةٌ، ويُؤيِّدُ هذا أن شرط القطع، بمعنى النص مع تواتُرِ معناه لغةً القطع ينفي الاشتراك، والتجوز، والإضمار، والمعارضة، والنسخ، والتخصيص، والاستدلال القاطع على عدم هذه متعذرٌ، لأنه لا مستند لذلك إلاَّ عدمُ الوجدان بعد الطلب، وذلك لا يُفِيدُ القطع البتة، ومنتهى ما يفيد الظن لا سوى، كما ذلك مقررٌ في العلوم النظرية بل مقررٌ في العلوم (٦) الفِطرية، فإن كل عاقل يُجَرِّبُ مثل ذلك، فلِمَ يطلب الإنسان الشيء فلا يجده ثم يجده؟.

وقد أورد الرازي هذا السؤال في باب اللغات من " محصوله " (٧)


(١) "الواو" ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): لأن.
(٣) في (ش): قبيل.
(٤) في (ش): وهذه.
(٥) في (ب): طريقة.
(٦) في (ب): العقول.
(٧) انظر الجزء الأول من ص ٢٦٠، و٢٦٩ و٢٧٩ و٢٩٤ - ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>