للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التشبيه. فقلت: {ليس كمثله شيءٌ وهو السميعُ البصيرُ} [الشورى: ١١] فقال لي: وما السميع البصير؟ فقلت: هكذا قال الله تعالى.

قال محمد بن إبراهيم البُوشَنجي: جعلوا يُذاكِرون أبا عبد الله بالرقة في التَّقِيَّةِ وما رُوِيَ فيها. فقال: كيف تصنعون بحديث خبَّاب: " إنَّ من كان قبلَكُم كان يُنشَرُ أحدهم بالمنشار، لا يصُدُّه ذلك عن دينه " (١) فأيسنا منه. وقال: لست أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلاَّ واحدٌ، ولا قتلاً بالسيف، إنما أخافُ فتنة السوط، فسمعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليك يا أبا عبد الله فما هو إلاَّ سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي، فكأنه سُرِّيَ عنه.

قال: وحدثني من أثِقُ به، عن محمد بن إبراهيم بن مصعب، وهو يومئذٍ صاحب شرطة المعتصم قال: ما رأيت أحداً لم يُدَاخِلِ السلطان، ولا خالط الملوك، كان أثبت قلباً من أحمد يومئذٍ، ما نحن في عينه إلا كالذباب.

قال صالح بن أحمد: حُمِلَ أبي ومحمد بن نوح من بغداد مقيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار. فسُئِلَ أبي: إن عُرِضْتَ على السيف، تُجِيبُ؟


(١) أخرجه أحمد ٥/ ١٠٩ و١١٠ و١١١ و٦/ ٣٩٥، والبخاري (٣٦١٢) و (٣٨٥٢) و (٦٩٤٣) وأبو داود (٢٦٤٩) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم، عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألاَّ تدعو لنا؟ فقال: " قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل، فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلاَّ الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون ".

<<  <  ج: ص:  >  >>