للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: لا. ثم سُيِّرا، فسمعتُ أبي يقول: صِرنا إلى الرَّحبة (١)، ورحلنا منها في جوف الليل، فعرض لنا رجل، فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ قيل له: هذا، فقال للجمال: على رِسْلِك، ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل ها هنا، وتدخل الجنة ثم قال: أستودعك الله، ومضى، فسألت عنه، فقيل: رجلٌ من العرب من ربيعة يذكر بخيرٍ.

أحمد بن أبي الحواري: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال أحمد: ما سمعت كلمةً منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمةِ أعرابيٍّ كلَّمني بها في رحبة طوقٍ، قال: يا أحمد، إن يقتلكَ الحقُّ، مُِتَّ شهيداً، وإن عِشْتَ، عِشْتَ حميداً. فقَوِيَ قلبي.

قال صالح: قال أبي: فلمَّا صِرْنا إلى أَذَنَة (٢)، ورَحَلْنا منها في جوف الليل، وفُتِحَ لنا بابها، إذا رجلٌ قد دَخَلَ. فقال: البُشرى! قد مات الرجل يعني: المأمون. قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه.

قال صالح: ومات محمد بن نوح، وصلَّى أبي عليه، وصار أبي إلى بغداد مقيداً.

قال صالح: قال أبي: يُوجَّهُ إليَّ كُلَّ يوم برجلين يناظراني، ثم يُدعى بقيدٍ، فيُزادُ في قيودي، فصار في رجلي أربعة أقياد، فلمَّا كان في الليلة الرابعة، وجَّه -يعني: المعتصم- ببِغُا الكبير إلى إسحاق، فأمره بحملي إليه، وأُدخلت على (٣) إسحاق، وقال لي: يا أحمد إنها


(١) وهي رَحْبَة مالك بن طوْق، تقع بين الرقة وبغداد على شاطىء الفرات، تبعد عن بغداد مئة فرسخ، وعن الرقة نيفاً وعشرين فرسخاً.
(٢) بفتحات، وهي بلد مشهور من الثغور، قرب المِصِّيصَة.
(٣) في (ب): إلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>