للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تَهَيَّأ أبو عبد الله للخروج، فخرج ومعه صالح وعبد الله وأبي زُمَيْلَة (١).

قال صالح: كان حمل أبي إلى المتوكل سنة سبعٍ وثلاثين. ثمَّ [و] (٢) إلى أن مات أبي قلَّ يومٌ يمضي إلاَّ ورسول المتوكل يأتيه.

قال حنبل: فأخبرني أبي، قال: دخلنا إلى العسكر، فإذا نحن بموكبٍ عظيم مُقبل، فلما حاذى بنا، قالوا: هذا وصيفٌ، وإذا بفارس مقبل، فقال لأبي عبد الله: الأمير وصيفٌ يُقرئُك السلام، وقال: إن الله قد أمكنك من عدوِّك، يعني: ابن أبي دُوَاد، وأمير المؤمنين يقبل منك، فلا تَدَعْ شيئاً إلاَّ تكلمت به. فما رد عليه أبو عبد الله شيئاً. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين ولوصيف. ومضينا، فأُنزلنا في دار إيتاخ، قال: حوَّلوني، اكترُوا لي داراً. قالوا: هذه دارٌ أنزلَكَها أمير المؤمنين، قال: لا أبيتُ ها هنا. ولم يزل حتى اكترينا له داراً. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكل والثلج والفاكهة وغير ذلك، فما ذاق منها شيئاً، ولا نظر إليها. وكان نفقة المائدة في اليوم مئةً وعشرين درهماً.

وكان يحيى بن خاقان، وابنه عبيد الله، وعليُّ بن الجهم (٣) يختلفون إليه برسالةِ المتوكل. ودامت العلة بأبي عبد الله، وضعف شديد. وكان يواصل، ومكث ثمانية أيام لا يأكل ولا يشرب، ففي الثامن دخلت عليه، وقد كاد أن يُطفَأ، فقلت: ابن الزبير كان يواصلُ سبعة أيام، وهذا لك ثمانية أيام. قال: إني مُطيقٌ. قلت: بحقي عليك.


(١) الزُّمْلَة -بضم الزاي وسكون الميم-: الرفقة، فالظاهر أن هذا تصغيرها.
(٢) من " السير ".
(٣) تحرفت في (ب) إلى: الجهضم.

<<  <  ج: ص:  >  >>