للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودامت علة أبي عبد الله، وبلغ المتوكل ما هو فيه، وكلمه يحيى بن خاقان، وأخبره أنه رجلٌ لا يريد الدنيا، فأذن له في الانصراف، فانصرف.

وكان ربما استعار الشيء من منزلنا ومنزل ولده، فلما صار إلينا من مال السلطان ما صار، امتنع من ذلك حتى لقد وُصِفَ له في علته قرعة تُشوى، فشُويت في تنُّور صالح، فعلم، فلم يستعملها ومثل هذا كثير.

وقد ذكر صالح قصة خروج أبيه إلى العسكر، وتفتيش بيوتهم على العَلَوي، وورود يعقوب بالبَدْرَة، وأن بعضها كان مئتى دينار، وأنه بكى، وقال: سلِمْتُ منهم، حتى إذا كان في آخر عمري، بُليتُ بهم.

وذكر أنه فرق (١) الجميع، ونحن في حالةٍ، الله بها عليم. فجاءني ابنٌ لي فطلب درهماً، فأخرجت قطعة، فأعطيته، فكتب صاحب البريد: إنه تصدَّق بالكل ليومه حتى بالكيس.

قال عليُّ بن الجهم: فقلت: يا أمير المؤمنين، قد تصدَّق بها (٢)، وعلم الناس أنه قَبِلَ منك، وما يصنع أحمد بالمال؟! وإنما قُوتُه رغيفٌ. قال: صدقت.

قال صالح: ثم أخرج أبي ليلاً ومعنا حراسٌ، فلمَّا أصبح، قال: أمعك دراهم؟ قلت: نعم. قال: أعطهم. وجعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أبا عبد الله، ابن الثلجي بلغني أنه كان يذكرك. قال: يا أبا يوسف، سَلِ الله العافية. قال: يا أبا عبد الله، تريدُ أن نؤدِّيَ عنك


(١) في " السير " فرق.
(٢) في (ب): بالكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>