للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال يعقوب: إن لي ابناً أنا به مُعجب، وإنَّ له في قلبي مَوْقِعاً، فأُحِبُّ أن تُحَدِّثَهُ بأحاديث، فسكت. فلما خرج، قال: أتراه لا (١) يرى ما أنا فيه؟!! ..

وكان يختم القرآن من جمعة إلى جمعة، فلمَّا كان غداة الجمعة، وجَّه إليَّ وإلى أخي. فلمَّا ختم، جعل يدعو ونحن نؤمِّن. فلما فرغ (٢)، جعل يقول: أستخير الله مراتٍ. فجعلت أقول: ما تريدُ؟ ثم قال: إني (٣) أُعطي الله عهداً، إن عهده كان مسؤولاً، وقال (٤) تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] إني (٥) لا أحدِّث بحديثٍ تمامٍ أبداً حتى ألقى الله، ولا أستثني منكم أحداً، فخرجنا، وجاء عليُّ بن الجهم فأخبرناه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. وقال: إنما تريدون أحدِّث، ويكون هذا البلد حبسي، وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد لما أُعطوا فقبلوا، وأُمروا فحدَّثوا، والله لقد تمنيتُ الموت في هذا وذاك.

إن هذا فتنة الدنيا، وذاك فتنة الدين، ثم جعل يضُمُّ أصابعه، ويقول: لو كانت تفسي في يدي لأرسلتها [ثم يفتح أصابعه] (٦).

وكان المتوكل يُكثرُ السؤال عنه، وفي خلال ذلك يأمر لنا بالمال، ويقول: لا يُعلَمُ شيخُهم فيَغْتَمَّ، ما يريد منهم؟ إن كان هو لا يريد الدنيا، فلِمَ يمنعهم؟!


(١) ساقطة من (ب).
(٢) قوله: " ونحن نؤمن، فلما فرغ " ساقط من (ب).
(٣) في (د): أبي.
(٤) في (أ): فقال.
(٥) في (ب): وإني.
(٦) ما بين حاصرتين من " تاريخ الإسلام ".

<<  <  ج: ص:  >  >>