للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسبِ ما يليقُ بجلال الله من غير تشبيهٍ كعلم الله وقدرته، فإنهما صفتا كمالٍ بالإجماع.

ولو قلنا: إنهما كعلم الخلق وقُدرتهم كان تشبيهاً قبيحاً، وكفراً صريحاً (١)، ومع ذلك فلا يَجِبُ تأويلُ ما ورد في الشرع من وَصْفِ الله تعالى بأنه عالمٌ قادر، ونحو ذلك من الحي السميع البصير.

فتأمَّل هذه القاعدة التي ذكرتها لك فيما استفاضَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استفاضةً متواترةً شائعةً (٢)، ولم يُذكر له تأويل البتة، فإنها تميز لك الصحيح من العقائد من المُبتدَعِ الفاسد.

وقال: من اعتقد استحالة الكلام من الله تعالى، أنه سبحانه لا يوصف بالقدرة على صدوره من ذاته، ولا تُضافُ إليه إلاَّ إضافة تشريفٍ كبيتِ (٣) الله، وناقةِ الله، فاعتقد المجاز (٤) في قوله تعالى: {وكلَّم اللهُ موسى تَكلِيماً} [النساء: ١٦٤]، واعتقدَ أن الحقيقة أن الله تعالى خَلَقَ الكلام في الشجرة المباركة التي ذكرها الله في كتابه، وأن الكلام صَدَرَ منها لا يصح غيرُ ذلك، وكانت النصوص القرآنية على عصر (٥) التابعين على جلالتها لم تتبدَّل بكثرة التأويل، فعظُمَ على التابعين أن يكون ظاهرُ قول الله: {وكلَّمَ اللهُ موسى تكليماً} قبيحاً وضلالاً مع أن الله سبحانه نسبه إلى ذاته المقدسة، واحتج على بطلان ربوبية العجل


(١) " وكفراً صريحاً " ساقطة من (ب).
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (ش): للتشريف ككتب.
(٤) في (ش): الكلام المجاز.
(٥) في (ش): عهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>