للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصنام بعدمه، لا بعدم القدرة على خلقه في غيرها.

وكذلك بقوله: {تكليماً} مع ما شَهِدَ (١) لصحته من سائر الآيات والآثار وإجماع الصحابة على وصف الله تعالى بأنه متكلمٌ، وله كلامٌ من غير إشعارٍ بتأويل، فجَهَرُوا بتكفير من قال ذلك، إما لاعتقادهم أنه مُكَذِّبٌ (٢) لهذه الآيات، أو أن كلامه يؤولُ إلى التكذيب، ولم يكُن قد عَرَضَ في زمن الصحابة و (٣) التابعين ذكر الكلام النفسي وقدمه، فلم يذكر أحدٌ منهم هذه المسألة، وإنما كان كلامهم في اللفظيِّ الذي لم يقُل بقِدَمِه طائفةٌ من طوائِفِ المسلمين البتة، وإن شذَّ بذلك بعض المحدثين كما شذَّ أبو علي الجُبَّائي شيخ الاعتزال، فإنه قد شارك هذه الطائفة المخالفة للضرورة في شُبَهِهِم، ووقع من الرِّكَّة في مثلِ ركتِهم حيث قال: إن حكايته لكلام الله تعالى هي كلامه المبتدأ المعجِزُ، ثم انتهى به التدقيق إلى أن المسموع من القارىء شيئان.

أحدهما: كلامه.

والثاني: كلام الله تعالى، فأثبت حرفين مسموعين غير الصوت، حكاه عنه ابنُ متويه في " تذكرته " (٤).

فإذا كان هذا ضلال إمام النظارين، فأيُّ ملامةٍ على شواذِّ (٥)


(١) في (ب): يشهد.
(٢) في (ش): مكذوب.
(٣) في (ش): أو.
(٤) هو أبو محمد الحسن بن أحمد بن متويه، له كتب مشهورة " كالمحيط في أصول الدين "، و" التذكرة في لطيف الكلام ". انظر " باب ذكر المعتزلة من كتاب المنية والأمل في شرح الملل والنحل " لأحمد بن يحيى بن المرتضى ص ٧١.
(٥) في (ش): سواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>