للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدثين مع أنَّ كلام المنصور بالله يقتضي اختيار قوله في أن التلاوة هي المتلوُّ.

وكذا ذَهَبَ أبو عليٍّ إلى بقاء الكلام في الكتابة، وكمونه (١) فيها، وأنه غيرُ الصوت، فإذا قارَنَه الصوتُ سُمِعَ، وإلاَّ كَمَنَ وبَقِيَ غيرَ مسموع.

فقد بان لك الآن أن من أنكرَ قِدَمَ القرآن وخلقه، فلم يَقْصِدْ رفع النفي والإثبات، ولا جهلَ الضرورات، وإنما قَصَدَ أن الكلام الذي سَمِعَه موسى هو كلام الله على الحقيقة لا كلام الشجرة، فإنه لو كان مخلوقاً في الشجرة، كان كلام الشجرة على الحقيقة، وإنْ كان خلقاً لله، كما أنَّ الأعضاء لمَّا أنطقها الله يوم القيامة بدليلِ قولها: {أنطَقَنَا اللهُ الذي أنْطَقَ كُلَّ شيءٍ} [فصلت: ٢١] كان ذلك كلامَها لا كلام الله، فلذلك استشهدَها الله، ونسبَ (٢) الشهادة إليها، وقال: {شَهِدَ عَلَيْهِم سمعُهُم وأبصَارُهُم} [فصلت: ٢٠].

ومن قال بقِدَم القرآن فلم يقصِد قِدَمَ الأصوات والحروف المتعاقبة، وإنما قَصَدَ قدم الكلام النفسي الذي المرجعُ به عند المعتزلة إلى الإرادة أو العلم، كما ذلك مقررٌ في كُتُبِ الكلام.

وقد روى الذهبي عن اللالكائي في " السنة " (٣): حدثنا المخلصُ، حدثنا أبو الفضل شعيبُ بن محمد، حدثنا علي بن حرب بسام، سمعتُ شُعيبَ بن حرب، يقول: قلت لسفيان الثوري: حدِّث بحديثٍ في السنة


(١) في (ش): وبكونه.
(٢) في (ش): فنسب.
(٣) ٢/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>