للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقال: التعيين أمرٌ عَدَميٌ، فإن معناه أنه ليس غيره، والقيد العدمي لا يصلح أن يكون جزءاً (١) من المقتضى، لأنا نقول: لا نُسلِّم أنه أمر عدميٌّ، وبتقدير تسليمه، فالمقصودُ حاصلٌ أيضاً، لأنه لا نزاع بين العقلاء أن العدم يصلح أن يكون شرطاً، ألا ترى أن عدم الضدِّ شرطٌ لصحة حلول الضد الآخر في المحلِّ؟ انتهى بحروفه ذكره الرازي فيما يرد على دليل الأكوان مع غيره.

ثم عقَّب الجواب على الجميع، فأجاب على المنع من تماثل الأجسام بجوابهم المعروف في الاستدلال على عدم الشيء بعدم الدليل عليه، وأشار إلى ضعفه، وقد بالغ في بطلانه، كما يأتي الآن في الحجة الثانية، وقوَّى أنه التعيُّن (٢) وصفٌ عدمي، وأن الدور غير لازم، وترك صحة كونه شرطاً بغير جواب لأنه قوي عنده كما ذكره في غير موضعٍ، ومن احتج بهذا في إثبات الصفة الأخص، يلزمه أن يكون التعيين وصفاً ثبوتياً، لأنه يجعل تميز الرب سبحانه عن غيره يستلزم ذلك حيث كان قد شارك الذوات في أنه ذاتٌ، ثم تميَّز عنها بتعيُّن ذاته وتميزها، فتأمل ذلك، بل هذا يلزمه تجويز مثل ذلك في كل متمايزين يحتملان مثل ذلك، ولو بمجرد احتمال.

ولهذه الشكوك في طرق المتكلمين اختار الإمام المؤيد بالله في كتاب " الزيادات " الاستدلال على ثبوت الباري بالأحكام الذي في المخلوقات وحسن التقدير، ثم أجاز بعد ذلك أن يستدل على خلق (٣) سائر المخلوقات بالسمع.

قلت: وصح (٤) في طريق على قوتها الاستدلال على الله تعالى بالمعجزات، فإنها حادثة بالضرورة ومخالفة للطبع بالضرورة، وهي (٥) طريقة


(١) في (أ) و (ش): " جزاء "، وهو خطأ.
(٢) في (ش): التعيين.
(٣) سقطت من (ش).
(٤) في (ج): وأوضح.
(٥) من قوله: " ومخالفة للطبع " إلى هنا ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>