للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه كراهيةً للتطويل (١)، بسياق كل كلام على انفراده.

فأقول: قال الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة في مقدمات " التمهيد "، وفخر الذين الرازي في مقدِّمات " نهاية العقول "، واللفظ له: الفصل (٢) السابع في تزييف الطرق الضعيفة، فالأُولى: أنهم متى حاولوا نفي شيءٍ غير معلوم الثبوت بالضرورة، قالوا: إنه لا دليل عليه، وما لا دليل عليه، فيجب (٣) نفيه، أما بيان أنه لا دليل عليه، فإنما يُثبتُونَه بنقل أدلة المثبتين لذلك الشيء، ثم ببيان فسادها وضعفها، وقد يقيمون الدلالة على حصر وجوه الأدلة، ثم يكتفون في بيان انتفائها بعدم وجدانهم لها، والأول أولى، لأنه إذا كان لا بد في آخر الأمر من التعويل على عدم الوجدان، فلأن نتمسك به ابتداءً حتى نُسقِطَ عن أنفسنا بيان حصر وجوه الأدلة أولى.

قلت: يعني لأنه لا دليل لهم على انحصار الأدلة في طريقة الحصر والسبر إلاَّ عدم الوجدان.

قال: وأما بيان أن ما لا دليل عليه وجب نفيهُ، فهم يثبتونه من وجهين:

الأول: أن تجويز ما لا دليل عليه يلزم منه القدح في العلوم الضرورية والعلوم النظرية، وما أدى إليه يجب أن يكون فاسداً.

بيانُ أدائه إلى القدح في العلوم الضرورية (٤) أنا إذا جوَّزنا إثبات ما لا دليل عليه يلزم تجويز أن يكون بحضرتنا جبالٌ شامخة وأصوات هائلة، ونحن لا ندركها، لأن الله خلق في عُيوننا ما يعارض إدراكها، ولعل لكل واحدٍ منا ألف رأس، إلاَّ أنه قام بالعين ما يمنع إدراك ما عدا الواحد منها، وإن لم نُقِم دليلاً (٥)


(١) في (ش): التطويل.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (ب) و (ش) و (ج): وجب.
(٤) من قوله: " والعلوم النظرية " إلى هنا ساقط من (ش).
(٥) في (ب): " يقم دليلاً "، وفي (ش) و (ج): " يقم دليل ".

<<  <  ج: ص:  >  >>