للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على إثبات المانع، وبيان أدائه إلى القدح في العلوم النظرية: أنا إذا استدللنا بدليل على شيء، فإذا جوَّزنا ثبوت ما لا دليل عليه، فلعل في مقدمات ذلك الدليل غلطاً لم نقف عليه نحن ولا غيرنا، ومع هذا التجويز لا يمكن حصول اليقين، فإذا لا بد من دفع هذا التجويز، ودفعُه لو كان بدليل آخر، لكان الكلام فيه كالكلام في الأول، فيلزم منه حاجة كل دليل إلى دليل آخر، لا إلى نهاية، وذلك محالٌ، فإذا لو لم نقطع بنفي ما لا دليل على ثبوته، لم يمكنا أن نجزم بصحة الدليل، فثبت أن تجويزنا ما لم تقُم الدلالة على ثبوته يؤذن بالقدح في الضروريات والنظريات. زاد الرازي.

الثاني: أن الأمور التي لم يدل الدليل على ثبوتها غير متناهية، فلو جاز إثبات ما هذا شأنه، لزم إثبات أمورٍ لا نهاية لها، وذلك محالٌ، فهذا تقرير هذه الحجة، وهي عندي ضعيفة جداً.

ثم اتفقا في رد الشبهة، فقالا: قولُكم في المطلوب المعين: إنه لا دليل عليه، تعنُون به أنكم لم تعرفوا دليل ثبوته، أو تعنون أنه ليس في نفس الأمر عليه دليل.

فإن عنيتُم (١) به الأول، كان حاصل كلامكم (٢) أن الشيء الفلاني لم نعرف على ثبوته دليلاً، وكل ما لا (٣) نعرف على ثبوته دليلاً وجب نفيه، وعلى هذا التقدير تكون المقدمة الأولى خفية، لكن المقدمة الثانية ظاهرة الفساد، لأنه لو كان عدم علم الإنسان بدليل ثبوبت الشيء دليلاً على عدم ذلك الشيء، لزم من هذا أن يكون العوام كلهم جازمين بنفي الأمور التي لا يعلمون دليلاً على ثبوتها، ولزم كون المنكرين لوجود الصانع، والتوحيد، والنبوة (٤)، والحشر


(١) في (أ): " عينتم "، وهو تحريف.
(٢) في (ش): الكلام.
(٣) في (ش): لم.
(٤) في (أ): والنبوءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>