للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو نحو ذلك، فيجاب عليه بوجوه:

أحدها: أنه إذا لم يحتجَّ به إلاَّ في نحو (١) ذلك، جاز أن لا تكون الحجة (٢) إلا في لزوم المحال من بطلانه، لأنه يلزم من ارتفاع أحد النقيضين حصول الآخر، وهذا انتقال من موضع الخلاف الذي لم يثبت فيه برهانٌ إلى موضع الوفاق، وهذا مثل من يحتج بدليلٍ ظنِّي في موضع القطع، فإذا نُوقِشَ في ذلك، قال: إني لا أحتجُّ به إلاَّ مع دليلٍ قاطعٍ.

وثانيها: أن ذلك يؤدي إلى أن تكون المقدِّمة الكبرى (٣) في البرهان جزئية، وذلك لا ينتج، فإنَّك متى قلت: هذا الأمر لا دليل عليه (٤)، وبعضُ ما لا دليل عليه، يجب نفيه، فيجب نفي هذا، كنت مثل من يقول: العالم متغيرٌ وبعض المتغير مُحدّث، فالعالم مُحدثٌ.

وثالثها: أنهم إذا اعترفوا بأن ذلك غير حجَّةٍ دائمة، فقد اعترفوا بأنه غير جُجَّةٍ في نفسه وهو المراد، والله أعلم، بل ربما رجع كلامهم في هذا إلى ما تقدم من امتناع تجويزنا الجبل (٥) عندنا فتحرر (٦) ما قال الرازي.

ثم إن سلمنا أن ما ذكروه يقتضي أن ما لا دليل عليه وجب نفيه، ولكنا نقول: لو لَزِمَ من نفي دليل الثبوت الجزم بالعدم، للزم منه أيضاً الجزم بالوجود، وذلك متناقضٌ، وما ينتج المتناقض (٧) كان باطلاً، فإذاً هذه الطريقة باطلة.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): حجّه.
(٣) في (ش): الأولى.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ب): " الجبال " وهو خطأ.
(٦) في (ب): " فتحرروا " وهو خطأ.
(٧) في (ج): " المنتقض "، وفي (ش): التناقض.

<<  <  ج: ص:  >  >>