للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم القاطع، وهو مذهب الإمام يحيى بن حمزة والرازي، كما مر بيانُه في الحجة الثانية في جواب قول المعتزلة: إن الوقف فيما لا دليل عليه يؤدي إلى بطلان العلوم النظرية لتجويز غلطٍ في مقدماتها لم يشعر به (١) الناظر.

ثم إن أكثرهم لا يُجيدون علم الاجتهاد، ولا يتقنون (٢) قواعد التأويل الصحيح، فيأتون من التأويلات بجنس تأويلات الباطنية، وقد تكلم عليهم الزمخشري في بعض المواضع، وخالفهم في كثيرٍ منها لذلك، فقال في تأويلهم لقوله تعالى: {بلْ يداهُ مَبْسُوطَتَان} [المائدة: ٦٤]: وهذا من ضيق العَطَنِ والمُسافرة عن علم البيان مسافة أعوامٍ، وخالفهم في تأويلهم لمثل (٣) قوله: {ولو رُدُّوا لَعَادُوا} [الأنعام: ٢٨] وغير ذلك.

وأما قولهم: إذا بطل العقل بطل السمع، فإنه فرعه، فالجواب (٤) من وجوه:

أحدها: أن السمع لا يُعارضُ العقل، فإن الأنبياء والأولياء والسلف أوفر الخلق عُقولاً، ولذلك زهِدُوا في الدنيا، وكثير من المتكلمين فاسق تصريح، ومن شيوخهم في علم الكلام أعداء الإسلام المخذولون من الفلاسفة وأشباههم، وإنما يجنون على العقول بدعاوى باطلةٍ.

والوجه الثاني: أن المبتدعة والفلاسفة لم يسلموا من مخالفة فِطَرِ العقول، كما بيَّنوا ذلك في رد بعضهم على بعض في علم اللطيف، ولكنهم يقعون في تلك المحارات (٥) حين يُلجئهم إليها دليلُ الخُلْفِ الظَّني، وتقليد القدماء ممن يُعظِّمُونه، وأهل السنة يُؤمنون (٦) بالمحارات (٧) السمعية التي جاءت بها الرسل،


(١) في (ش): بها.
(٢) في (ب) و (ش): يحققون.
(٣) في (ش): مثل.
(٤) في (ج): والجواب.
(٥) في (ش): المحالات، وهو خطأ.
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) في (ش): بالمحالات، وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>