للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الله تعالى وصفاتها المقتضاة عنها ليست إلاَّ التحيز لا سوى، والتحيز مختلفٌ فيه بينهم، فمنهم (١) من قال: هو ثابت أيضاً في العدم بغير اختيار الله تعالى، حكاه مختار في " المجتبى "، كما سيأتي كلامه، وحكاه ابن متويه في " التذكرة " ولم يُقبِّحه على قائله من شيوخهم (٢)، وهذا جرى (٣) على القياس، لأن الصفة المقتضاة لا تَخَلَّفُ (٤) عمَّا يقتضيها في العقل، وإلا لما كانت مقتضاة، كما أن المعلول لا يتخلف عن العلَّة (٥)، ولكنهم خافوا أن يتفاحش الأمر ويلزمهم التصريحُ بقدم (٦) العالم، والمجاهرة بذلك، فاعتذروا بأنَّ هذا التحيُّز لا يظهر إلاَّ بشرط الوجود، والوجود بالفاعل، فقد زعموا أن التحيُّز ليس بالفاعل، وهو الله تعالى، ولا الذات، ولا صفتها الذاتية، والوجود عندهم ليس بشيءٍ، لأنَّ الأشياء ثابتةٌ في العَدَم، ولا تأثيرَ لله تعالى إلاَّ فيه، مع أنه ليس بشيءٍ، فصحَّ (٧) على زعمهم أنَّ الله تعالى لم يؤثر في شيءٍ على الحقيقة، وهذا مما لا جواب لهم عنه (٨)، وإنما (٩) حاولوا الجواب عن (١٠) كونه تعالى لم يخلُق شيئاً ولا أحدثه، فإن ابن متويه حاول الجواب عن هذا بأن خلق الشيء وإحداثه هو إيجاده، والله تعالى هو الذي حصَّل (١١) له صفة الوجود، وهذا الجواب غير مخلص، فإن معنى الإلزام أن اتِّصاف الشَّيء بأنه مخلوق على اعتقادهم مجاز،


(١) جاء في هامش (ش): وهو أبو عبد الله البصري.
(٢) في (ش): شيوخهم.
(٣) في (ب) و (ش): وقد أجري.
(٤) في (د): نخالف.
(٥) في (ب) و (ش): العلة العقلية.
(٦) في (ب): بعدم.
(٧) في (ش): يصح.
(٨) في (ش): فيه.
(٩) في (ش): ولما.
(١٠) في (ش): من.
(١١) في (ش): جعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>