للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الشيء ثابتٌ عندهم في العدم قبل خلقه، وإنما المخلوق على (١) الحقيقة عندهم حدوثه ووجوده، وليسا بشيءٍ عندهم. وقد صرَّح الزمخشري في " أساس البلاغة " (٢) بأن الله لا يُسمى خالقاً إلاَّ مجازاً، وهو علاَّمتهم في علم اللغة، فكيف غيرُه؟

وقد صرَّح ابن متويه بأن الأشياء مختلفة في العدم بصفاتها الذاتية، وأن اختلافها ليس بالفاعل -يعني بالله تعالى- وإلا لجاز (٣) أن يجعل السواد مثلاً (٤) للبياض، فثبت أن عندهم أن الله تعالى غير قادرٍ على خلق جوهرٍ مخالفٍ للجواهر، ولا يمكن أن يعلمَ الله إلى ذلك سبيلاً، ولا يقدر على المخالفة بين شيئين أصلاً، إلاَّ أن يكونا مختلفين بأنفسهما من قبل خلقه لهما، وهذا أيضاً راجعٌ إلى عدم الشيء لعدم الدليل عليه، لأنه لا دليل لهم على أنه لا يصحُّ اختلاف الأجسام سواه، فإذا كان (٥) تماثل الأجسام مبنياً على هذه الدعاوى، فلا شكَّ في مخالفة (٦) أكثر علماء المعقولات لهم في ذلك. دع عنك علماء الآثار (٧) وأئمة الإسلام، وقد خالفهم في ذلك خلق كثير من علماء الاعتزال، وشنَّعوا عليهم في ذلك لما فَحُشَ جهلُهم فيه.

فلنقتصر على ردِّ أصحابهم عليهم، ولنقتصر علي أخصر كلامٍ، في ذلك لمجانبة هذا الجواب لهذا (٨) الفنِّ إلاَّ ما تمسُّ الحاجة إليه مما ليس فيه خوضٌ في ذات الله عز وجل.


(١) من قوله: " اعتقادهم مجاز " إلى هنا ساقط من (ب).
(٢) ص ١٧٣.
(٣) في (ش): جاز.
(٤) سقطت من (ش).
(٥) في (ش): وإن كان.
(٦) في (ش): مخالفته.
(٧) في (ش): الأثر.
(٨) في (ب) و (ش): بهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>