للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في نقلهم القرآن وسائر كتب الله تعالى، بل (١) أغنى عن نقلهم كونه مما تواتر أنه طريقة السلف وعجزت الخصوم عن دعوى موافقة السلف لهم في طريقتهم، إذ كانت (٢) طريقة السلف في ذلك معلومةً للجميع بالضرورة، فخاف القوم مِنَ ابتداع التحذير من ذلك. والتصريح بالتأويل فيه الوقوع في البدعة التي صح عندهم النهي عنها، والتحذير منها، وأجمع على ذمها المخالف والمؤالِفُ، فآمنوا بمراد الله في ذلك، مع القطع بنفي ما نفاه الله من شَبَه المخلوقين، والقطع بأن استواءه وعلُوَّه لا يشبه علو المخلوقين واستواءهم في أوصافهما ولوازمهما، كما يقول الجميع في الفرق بين علمه وعلمهم، وقدرته وقدرتهم، وإنما أثبتوا عُلُواً واستواءً يُناسب (٣) ذاته العزيزة التي يستحيلُ تصوُّرها، ويستحيل تصور جميع ما يتعلق بها.

وهذه الفوقية عندهم غير مقتضيةٍ للتشبيه (٤)، مثل ما أن وجوده سبحانه وسائر صفاته الثبوتيَّة صحيحة عند خصومهم، وإن لم تكن مقتضية لذلك لما دلَّتهم عليه أدلَّتُهم، فكذلك هؤلاء دلَّتهم أدلَّتُهُمْ على الإيمان بما ورد في القرآن مِنْ ذلك، ورأوا أن نصوص القرآن التي أجمع المسلمون على أنها كلام الله تعالى، وأنها لم تزل متلوَّةً مجلَّلةً معظَّمةً، منذ بُعِثَ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق الكلام بالقبول (٥) والتَّبجيل والتقديم على غيرها، والتعظيم والاحترام لها والتكريم (٦)، فلا يُستباح لها حِمى، ولا يُخاف من جهتها ضلالٌ ولا عمى.

وقد أجمع المسلمون على أنه لا أعلم من الله تعالى بما ينبغي أن يقال فيه،


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (أ): " إذا كانت "، وفي (ج) و (د): " وكانت ".
(٣) في (ب): " مناسب " وهو تحريف.
(٤) في (ش): للشبيه.
(٥) ساقطة من (ب).
(٦) تحرفت في (ب) إلى: والكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>