للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أنه تعالى عالمٌ لا يعزُبُ عن علمه شيءٌ في الحال والماضي والاستقبال من المعدومات والموجودات، ولا يجوزُ عليه الشكُّ فيما علمه، ولا النسيان له (١) ولا الخطأ، ولا النظر والاستدلال (٢). وقد يُسمَّى (٣) بعض عباده عالماً، ولكن عالماً ناقصاً مشُوباً بتجويز جميع هذه (٤) النقائص التي تنَّزه الربُّ عنها، وكذلك سائر الأسماء، قالوا: ومتى كان القول بأن الله عالمٌ مثل علم (٥) خلقه كفراً (٦) بالإجماع، مع أن كونه تعالى عالماً من المحكمات.

وكيف (٧) من قال: بأن عُلوَّه واستواءه على عرشه كعُلوِّ الأجسام واستوائها، مع أن هذا من المتشابهات؟

فمن ها هنا لم يكن له سبحانه كفواً أحد، وكان كما قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: ١١]. وقوله تعالى: {وهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} بعد نفي التشبيه من أقوى أدلَّة أهل السنة على هذا، وكذلك قوله تعالى: {وللهِ المَثَلُ الأعلى وهُوَ العزيزُ الحكيمُ} [النحل: ٦] وقوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم: ٢٧] أي: الوصفُ الأعلى على ألسِنةِ أهل السماوات وأهل الأرض. وتقدم قول عليٍّ عليه السلام: فعليك أيها السائل بما دلَّ عليه القرآن من صفته (٨).

وإنما تنَّزه الرَّبُّ سبحانه عما يصفون من الصاحبة (٩) والولد، والأمر بالفواحش، وأمثال ذلك مِنَ النقائص، ولم ينَّزه قطُّ عن الوصف بالمحامدِ والممادح والأسماء الحسنى.

وقالت الملاحدة من الباطنية والفلاسفة: لا يجوز عليه (١٠) شيءٌ مِن هذه


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): ولا الاستدلال.
(٣) في (ش): سمَّى.
(٤) ساقطة من (ش).
(٥) في (ب): بمثل ما علم.
(٦) في (ش): " كفر " وهو خطأ.
(٧) في (ب) و (ج): فكيف.
(٨) ص ٣٩٤.
(٩) في (ش): المصاحبة.
(١٠) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>