للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو ما وُجدت فيه الموجودات في أول إيجادها وإيجاد إمكانها (١)، فإن الأماكن عند المتكلمين عبارةٌ عن أجسام الأرض والسماوات التي تستقُّر فيها الموجودات، ولا شكَّ أن أول موجودٍ منها قبل خلق (٢) الأمكنة كان في جهةٍ عدميَّةٍ، وكذلك الأمكنة كانت فيها، وإلاَّ احتاج كلُّ مكانٍ إلى مكان (٣)، إلى ما لا نهاية له.

وأما الأمران الجليِّان الَّلذان ادَّعى أهل السنة معارضَتَهُما (٤) لذلك، ووضوحَهما، وخوف الكفر في إنكارهما.

فأحدهما: ما فُطِرَت عليه العقول السليمة عن التَّلوُّن بالاعتقادات التقليدية من استحالة تعطيل الموجود من جميع الجهات السِّتِّ التي لا غاية لكل واحدة منها (٥) كما قرَّره ابن تيمية وغيره من متكلِّميهم استدلالاً وسؤالاًَ وانفصالاً، مثلما أن المعتزلة تعتقد استحالة الرؤية، كذلك قالوا ولا شكَّ أنَّ هذا هو الفطرة، ولكن الأدلة المعروفة في علم المنطق والكلام، المعروفة بالأدلة الخلقية ألجأت المتكلمين إليه، ومعنى هذه الأدلة الخلقية (٦) أن النقيضين إذا بطل أحدهما ثبت الآخر، فلما بطل عندهم هذا الأمر الجليُّ بتلك الأمور التي قدمناها ونحوها، واعتقدوها قاطعةً، اضطرهم ذلك إلي إثبات نقيضه، وظنوا أن تلك الفطرة العقلية المعارضة لأدلتهم طبيعية (٧) وهميَّةٌ نافرةٌ عن ذلك.

قالوا: ولو أنعموا (٨) النظر فيما ألجأهم إليه، لما عوَّلوا عليه، فإن الذي نَفَوْهُ


(١) في (أ) و (ش): إمكانها.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) " إلى مكان " ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): معارضتها.
(٥) في (ب): منها.
(٦) جملة: " ألجأت المتكلمين إليه، ومعنى هذه الأدلة الخلقيه " ساقطة من (أ).
(٧) في (ب): طبيعة.
(٨) في (أ): نعموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>