للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكلِّ حالٍ، فالآية واضحةٌ في صحَّة الرؤية، ألا تراه تجلَّى كيف شاء للجبل، فجعله دكّاً، وعلَّق الرُّؤية باستقراره وهو ممكن بقدرة (١) الله إجماعاً، وما عُلِّق بالممكن فهو ممكن. ألا تراه لا يصحُّ أن يقال: إن استقرَّ مكانه، فسوف آكلُ وأشربُ وأعجِز وأجهَل، تعالى الله عن ذلك. ويوضح ما ذكرته (٢) من كونها في (٣) رؤية الدنيا أن قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} [الأعراف: ١٤٣]، لم يكن جواباً لقوله: أرني في الآخرة، ولا لقوله (٤): هل أراك فيها، بدليل أنه يحسُنُ منه بعد ذلك أن يقول فهل أراك في الآخرة حين لم تُجبني إلى رؤيئك في الدنيا، فلا تعارض أنه (٥) رؤية الآخرة معارضة النصوص. ألا ترى أن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣]، لما نزل على سبب قول المشركين: إنهم قد كفروا وكذبوا، وزنوا، فأكثروا (٦) كانت خاصة بالمغفرة في الدنيا لمن تاب من الكافرين (٧)، ولمن شاء الله من غيرهم (٨). وحسنٌ أن يُقال في من مات (٩)


= والحاكم، ثم قال بإثره: طرق أسانيد هذا الحديث جيدة، ومتنه غريب جداً.
وذكره ابن كثير في " تفسيره " ٤/ ٣٣٤ طبعة الشعب من طريق ابن جرير، وقال بإثره: وهذا غريب من هذا الوجه، وفي رفعه نظر، والله أعلم.
(١) في (ش): في قدرة.
(٢) في (ش): ويوضح ذلك.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) تحرفت في (أ) إلى: وقولي.
(٥) تحرفت في (أ) إلى: أية.
(٦) في (ش): وأكثروا.
(٧) في (ش): المشركين.
(٨) أخرج البخاري (٤٨١٠)، ومسلم (١٢٢)، والنسائي ٧/ ٨٦ - ٨٧، وفي " الكبرى " كما في " التحفة " ٤/ ٤٥٨، وأبو داود (٤٣٧٤) عن ابن عباس أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا، وزنوا وأكثروا، فأتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لَحَسَنٌ، لو تخيرت أن لما عملنا كفارةً، فنزل: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}، ونزل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ .. }
وأخرجه الطبري ٢٤/ ١٤ بلفظ آخر.
وذكر ابن إسحاق في " سيرته " ٢/ ١١٩ سبباً آخر لنزول الآية.
(٩) في (أ) و (ج) و (د) و (ش): كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>