للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافراً: إنه لا يُغفر له بإجماع أهل العلم واللغة، أما أهل العلم، فظاهرٌ، وأمَّا أهل اللغة، فلأنهم لم يعدُّوه متناقضاً، لا مسلمهم ولا كافِرُهم، ولذلك قال ابن عبد البَرِّ: إنها في الدنيا، وقوله (١): {ويَغفِرُ ما دُونَ ذلك لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] في الآخرة جمعاً بينهما.

ومن ذلك قول إبراهيم في النجم، ثم القمر، ثم الشمس {هَذَا رَبِّي} وسيأتي تمام الكلام فيها (٢) عند الكلام على ما أورده الخصم مما يتعذَّر تأويله من الحديث.

وقد اعترف الرازي في كتاب " الأربعين " بأن الكتب السماوية كلها جاءت بذلك في حق الله تعالى، كما جاءت بتحقيق المعاد، ونسب إلى الفلاسفة (٣) والباطنية المخالفة فيهما معاً، ونسب إلى المتكلمين تقرير ما جاءت به الشرائع في المعاد، وتأويل ما جاءت به في المبدأ، يعني به الرب سبحانه.

الوجه الثالث: أن كلَّ من جادل من الأنبياء عليهم السلام عُبَّاد الأصنام وغيرهم، لم يحتجَّ بوجوب (٤) تعطيل المعبود عن الجهات كلها، بل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للنصارى ألم يكن عيسى يأكُلُ ويشرب؟ قالوا: بلى. قال: فأين الشَّبه (٥)؟ وقال تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [طه: ٨٩]، فاحتجَّ على بطلان ربوبيَّة العجل بأنه لا يتكلم، وهذا نقيضُ توحيد المعتزلة، فإنهم قطعوا بأن صدور الكلام عن الرب كفرٌ وتشبيهٌ، وكذلك الصحابة فيما بينهم، فإنهم اختلفوا: هل رأي محمدٌ ربَّه؟ وكان حَبْرُ الأمة وبحرُها بالاتفاق عبد الله بن عباس مِمَّن اشتهر عنه القول بأنه - صلى الله عليه وسلم - رأي ربَّه، ونقل ذلك عنه المفسِّرون والمحدِّثون


(١) في (ب): وقوله.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (أ): الفلاسفية.
(٤) في (ش): لوجوب.
(٥) في (أ) و (ج): الشبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>