للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومئذ جُرْدٌ، مُرْدٌ، مُكَحَّلون، أبناء ثلاث وثلاثين، على صورة آدم يوم خلقه عز وجل، فينادي ربُّ العزة تبارك وتعالى رضوان -وهو خازن الجنة- فيقول: يا رضوان، ارفع الحُجُب بيني وبين عبادي وزُوَّاري. فإذا رفع الحجب بينه وبينهم، فرأوا بهاءه ونوره هُيِّئوا (١) له بالسجود، فيناديهم تبارك وتعالى بصوته: ارفعوا رؤوسكم، فإنما كاذت العبادة في الدنيا، وأنتم اليوم في دار الجزاء، سلوني ما شئتم، فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فهذا محلُّ كرامتي، فسلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا، وأيُّ خير لم تفعله بنا؟! ألستَ الذي أعنتنا على سكرات الموت، وآنست منا الوحشة في ظلمة القبور، وأمَّنت روعتنا عند (٢) النفخة في الصور؟ ألست (٣) أقلتنا عثراتنا (٤)، وسترت علينا القبيح من فعلنا، وثبَّتَّ على جسر جهنَّم أقدامنا؟ ألست الذي أدنيتنا من جوارك، وأسمعتنا لَذَاذَةَ منطقك، وتجلَّيت لنا بنورك؟ فأي خيرٍ لم تفعله بنا؟ فيعود الله عز وجل، فيناديهم بصوته، فيقول: أنا ربكم الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، فسلُوني، فيقولون: نسألك رضاك، فيقول: برضاي عليكم: أقلتُكُم عثراتكم، وسترتُ عليكم القبيح من أموركم، وأدنيتُ مني جواركم، وأسمعتكم لذاذة منطقي، وتجليت لكم بنوري، فهذا محل كرامتي، فسلوني، فيسألونه (٥) حتى تنتهي (٦) مسائلهم، ثم يقول عز وجل: سلوني، فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم، ثم يقول عز وجل: سلوني، فيقولون: رضينا ربنا وسلَّمنا، فيُريهم من مشهد فضله وكرامته ما لا عينٌ رأت، ولا أُذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشرٍ، ويكود ذلك مقدار تفريقهم (٧) من الجمعة.


(١) في (ب): " هبوا "، وفي " حادي الأرواح ": " هموا ".
(٢) في (ب): يوم.
(٣) في (ش): لست الذي.
(٤) في (ش): عثرتنا.
(٥) في (ش): فيسألوه.
(٦) ساقطة من (أ).
(٧) في (ش): على مقدار تفرفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>