للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى رؤية البصر، لم يَجُزْ ذلك، والرؤية بمعنى العلم مما نطق به القرآن، وورد به الشعر (١). قال تعالى: {ألمْ تَرَ إلى ربِّك كيفَ مَدَّ الظِّلّ} [الفرقان: ٤٥]، وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: ٣٠] وفي الشِّعر:

رأيتُ الله إذ سمَّى نِزَارَا ... وأسْكَنَكُمْ بِمَكَّةَ قَاطِنينَا

أي: علمت. وقال حاتم طيىء:

أماويُّ إن يُصبِحْ صَدَايَ بقَفرَةٍ (٢) ... مِنَ الأرضِ لا ماءٌ لَدَيَّ ولا خَمْرُ

تري أن ما أنفقتُ لم يكُ ضَرَّني ... وأنَّ يَدِي مما بَخِلْتُ به صِفْرُ

أمَاوِيُّ ما يُغْنِي الثراءُ عن الفَتَى ... إذا حَشْرَجَتْ يوماً، وضَاقَ بها الصَّدرُ (٣)

[فإن] قالوا: النبي - صلى الله عليه وسلم - أورد هذا الخبر مَوْرِدَ البشارة لأصحابه، وأيُّ بشارة في أن يعلموا الله تعالى في دار الآخرة؟ ومعلومٌ أنهم يعلمونه في دار الدنيا.

قلنا: إنما بشَّرنا بالعلم الضروري. والعلم الضروري لا يثبت إلاَّ في دار الآخرة.

فإن قال: أيُّ بشارة في أن يعلم الله تعالى ضرورة.

قلنا: لئلا يلزم مؤنة (٤) النظر، وتعب الفكر.

فإن قال: فيجوز (٥) على هذا أن يكون (٦) المنافقون والمؤمنون سواء، لأنهم


(١) بياض في (ب).
(٢) تحرفت في (أ) إلى: بفقرة.
(٣) " ديوان حاتم " ص ٤٣. وانظر " الكامل " للمبرد ١/ ٤٨٤ طبع مؤسسة الرسالة، و" خزانة الأدب " ٤/ ٢١٢ - ٢١٣.
والصدى: ما يبقى من الميت في قبره. والحشرجة: هي الغرغرة عند الموت وتردد النفس.
(٤) في (د): منه.
(٥) في (أ): فيحمل.
(٦) قوله: " على هذا أن يكون " ساقط من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>