للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإباحة، أو عام ومعارِضُه خاص، أو مطلق ومعارضه مُقَيَّد ونحو ذلك" (١).

ورغم هذا الثناء والتقدير من شيخه، فإنه قد تحوَّل من مادح إلى قادح، ومن صديق إلى كاشح، ومن مُعجبٍ به وبعلمه ونبوغه إلى مسفِّهٍ له، ومنفرٍ للناس عنه مما آلم الإمام الوزير وأحزنه، فقال معاتباً شيخه:

عَرَفْتَ قدْرِي ثُم أنكَرتَهُ ... فما عدا بالله مما بدا؟

في كل يوم لك بي موقف ... أَسرَفْتَ بالقَوْل بسُوء البَدَا

أمْسِ الثنَا واليومَ سوءُ الأذى! ... يا لَيْتَ شِعري كيف تضحي غدَا؟

يَا شيْبة العتْرةِ في وَقْتهِ ... ومَنْصِبَ التعْلِيمِ والاقْتدَا

قَد خلَعَ العِلْمُ رداء الهُدَى ... علَيْكَ، والشيْبُ رِداءَ الرَّدَى

فَصُنْ رِدَائَيكَ وطَهرْهُما ... عَنَ دنسِ الإسْراف والإعتدَا

وقد ردَّ الإمام محمد بن إبراهيم الوزير على رسالة شيخه بكتابه " العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم " الذي يُعد ذخيرةً نفيسةً في عالم المؤلفات الإسلامية لم يَسْبِقْ لأحد في المتقدمين، ولا في المتأخرين أن ألف في موضوعه مثله.

وقد وصف ما حدث له مِن علماء زمانه المتمسكين بالمذهب، والمجاهرين بمعاداته لتمسكه بالسنة النبوية بقوله " وإني لما تمسكتُ بعروة السنن الوثيقة، وسلكتُ سنَن الطريقة العتيقة، تناولتني الألسنةُ البذيئة من أعداء السنة النبوية، ونسبوني إلى دعوى في العلم كبيرة، وأمورٍ غير ذلك كثيرة حرصاً على ألا يُتَبَّع (٢) ما دعوتُ إليه من العمل بسنة سيد المرسلين،


(١) الفضائل.
(٢) وهذا هو ما جرى للإمام المقبلي، فقد حُورب حتى اضطر إلى بيع بيته وماله، وهاجر بأهله إلى مكة المكرمة. وجرت وقائع مماثلة للبدر محمد بن إسماعيل الأمير، ولشيخ الإسلام الشوكاني، وقد ذكر ما حدث له في كتابه " أدب الطلب ".

<<  <  ج: ص:  >  >>