للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلفاء الراشدين، والسلف الصالحين، فصبرت على الأذى، وعلمتُ أن الناس ما زالوا هكذا:

ما سَلِمَ اللهُ من بريَّته ... ولا نبيُّ الهُدى فَكيف أنا! (١)

وقد اعترض عليه شيخُه المذكور برسالة وصفها الإمام ابنُ الوزير بقوله: " إلاّ أنه لما كثر الكلامُ وطال، واتسع مجال القيل والقال جاءتني رسالة محبَّرة، واعتراضات محررة، مشتملة على الزواجر والعظات، والتنبيه بالكلم المُوقِظَات، زعم صاحبها أنه من الناصحين المحبين، وأنه أدَّى بها ما عليه لي من حق الأقربين، وأَهلاً بمن أبدى النصيحة، فقد جاء الترغيب إلى ذلك في الأحاديث الصحيحة، وليس بضائرٍ إن شاء الله ما يَعْرِضُ في ذلك من الجدال مهما وُزِنَ بميزان الاعتدال، لأنه حينئذ يدخل في السنن، ويتناوله أمر {وَجَادِلهُم بالتِي هِيَ أحْسَنُ} (٢) وقد أجاد من قال، وأحسن:

وجدالُ أَهلِ العِلْمِ لَيْس بِضائِرٍ ... مَا بَيْنَ غَالبِهِم إلى المَغْلُوبِ

وعقب الإمام ابن الوزير على ما ورد في هذه الرسالة بقوله: بيد أنها لم تَضعْ تاجَ المرح والاختيال، وتستعملْ ميزان العدل في الاستدلال، بل خُلِطَت مِن سِيما المختالين بشوب، ومالت من التعنت في الحجاج إلى صوب، فجاءتني تمشي الخطَرَا، وتميس في محافِل الخطَرا، مفضوضةً لم تُختم، مشهورةً لم تكتم، متبرجةً قد كشفت حجابَها، وطرحت نِقابها، وطافت على الأكابر، وطاشت إلى الأصاغر حتى مضت أيدي الابتذال


(١) قبله:
ولَيس يَخْلُو الزمانُ مِنْ شُغلٍ ... فيه ولا مِنْ خيانةٍ وَخنَا
(٢) النحل ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>