نضارتَها، وافتضت أفكارُ الرجال بكارتها، وخيرُ النصائح الخفي وخيرُ النُّصاح الحفى، وخيرُ الكتاب المختوم، وخير العتاب المكتوم.
ثم إني تأملت فصولها، وتدبرت أصولها، فوجدتها مشتملة على القدحِ تارةً فيما نُقِلَ عني من الكلام، وتارةً في كثير من قواعد العلماء الأعلام، وتارة في سنة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام فرأيتُ ما يَخُصُّنِي غير جديرٍ بصرف العناية إليه، ولا كثير يستحق الإقبال بالجواب عليه.
وأما ما يختصُّ بالسنن النبوية، والقواعِد الإسلامية مثلَ قدحه في صحة الرجوع إلى الآيات القرآنية، والأخبار النبوية، والآثار الصحابية، ونحو ذلك من القواعد الأصولية، فإني رأيتُ القدحَ فيها ليس أمراً هيّناً، والذب عنها لازماً متعيناً، فتعرضتُ لجواب ما اشتملت عليه من نقض تلك القواعد الكبار التي قال بها الجِلَّةُ من العلماء الأخيار (١).
وقد قصدتُ وجه اللهِ تعالى في الذب عن السنن النبوية، والقواعد الدينية، وليس يضرني وقوفُ أهل المعرفة على ما لي من التقصير، ومعرفتهم أن باعي في هذا الميدان قصير، لاعترافي بأني لست من نُقَّاد هذا الشأن، ولا مِن فرسان هذا الميدان، لكني لم أجد من الأصحاب من تصدَّى لجواب هذه الرسالة لما يجُرُّ إليه ذلك من سوء القالة، فتصديتُ لذلك من غير إحسان ولا إعجاب، وَمَنْ عَدِمَ الماءَ تيممَ بالتراب، عالماً بأني لو كنت باريَ قوسها ونبالِها، وعنترةَ فوارسها ونزالها، فلن يخلو كلامي من الخطأ عند الانتقاد، ولا يصفو جوابي من الكدر عند النقاد. فالكلامُ الذي لا يأتيه